جهود
الدولة و المجتمع المدني في غرس ثقافة الانتماء والولاء ونبذ العنف
مقدمه :
«المواطنة والانتماء للوطن» من صفات المواطن
الصالح، التي تبذل الأمم والشعوب الحية جهودها وتسخر طاقاتها لإعداده؛ لأن هذه القيم
السامية العليا ضرورة وجود للأوطان ومنعتها، وهي تتجلى في أوقات الشدّة عندما تحيط
الأخطار بالأمم والشعوب سواء كانت أخطاراً خارجية أو داخلية، والثانية أكثر ضرراً وإيذاءً
وتدميراً للأمم والأوطان، وهي تجد دائماً في ضعف قيم المواطنة والانتماء بيئة خصبة
لها بما تتيحه هذه البيئة من ظروف تعين المفسدين والمخربين على العبث بالأمن وإشاعة
الفساد والاضطراب والخلاف، كما يحصل في الوقت الحاضر في بعض الأوطان التي وصلت الحال
فيها إلى حروب مدمرة تأكل الأخضر واليابس، وهي مع الأسف الشديد تكون معظمها بيد من
ينتسبون إلى هذه الأوطان، والذين ينبغي أن يدفعهم الانتماء لوطنهم إلى حمايته من الخطر
لا جلبه له.
الولاء والانتماء ونبذ العنف :
الولاء والانتماء من المفاهيم التي يتم
ترديدها كثيرا في كافة المحافل السياسية والثقافية والتربوية، وأضحت أحد الضرورات الأساسية
في عالمنا المعاصر نظراً لما تتضمنه الكلمتان من معانٍ ودلالات عظيمة تمثل أساساً للفطرة
السليمة التي تنظر إليهما بقدسية واحترام .
وحيث أن تلك المفاهيم يكتسبها الإنسان من تلقاء ذاته
ولا تملى عليه إلا أن الضرورة تحتم غرسها وتعزيزها في نفس كل مواطن ليمارس حقوقه المشروعة
متحلياً بأخلاقيات المواطنة والسلوكيات السليمة .
وتلعب المؤسسات التربوية دوراً محورياً
إلى جانب القطاعات الحيوية الأخرى في ترسيخ معاني الانتماء والولاء الوطني لدى النشء
والشباب والقائمة على تقوية الأواصر الأخوية ومواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية
وتحرير الأجيال من العصبيات المذهبية والحزبية والطائفية والمناطقية والجهوية وتدعيم
قيم التسامح والسلام والمحبة وصولا إلى خارطة حضارية واحدة للوطن الواحد الذي يظل أكبر
من أي انتماءات وولاءات ضيقة .
ويأتي حرص الحكومة على تكثيف الاهتمام بمراحل التعليم
المختلفة وإيصال خدماته إلى كل المواطنين بالنظر إلى الدور الذي يلعبه في تنشئة الجيل
وتشكيل سلوكياته التنشئة السليمة التي تسهم في بناء نهضة شاملة في مختلف المجالات.
وعليه أصبح من الضرورة بمكان تعزيز مفاهيم
الانتماء والمواطنة في نفوس التلاميذ وتنشئتهم على القيم الدينية والأخلاقية والثوابت
الوطنية ابتداء من النشيد الوطني وتحية العلم إلى جانب الوعي بالمسئولية الاجتماعية
عبر سلوكيات تكتسب من خلال ممارسة الأنشطة الدراسية الصفية واللا صفية والممارسات اليومية
داخل المدرسة وخارجها والتي تدار وفق رؤية تربوية تنطلق من احترام الهوية والحفاظ على
الثوابت الوطنية والولاء الكامل للوطن, ونبذ العنف والتعصب إلى جانب تعليم النشء والشباب
أساليب وطرق التعبير عن الرأي و احترام وتقبل الرأي الآخر والتمتع بكافة الحقوق السياسية
والمدنية التي كفلها الدستور .
إنّ التربية الإسلامية تتمثلُ في تنمية
الشعور بحب الوطن عند الإنسان، وذلك باستشعار ما للوطن من أفضال سابقة ولاحقة عليه
منذ نعومة أظفاره، ومن ثم تربيته على رد الجميل، ومجازاة الإحسان بالإحسان لاسيما أنّ
تعاليم ديننا الإسلامي تحث على ذلك وترشد إليه كما في قوله تعالى: «هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ
إِلا الإِحْسَانُ» (الرحمن/ 60). الحرص على مد جسور المحبة والمودة مع أبناء الوطن
في أي مكانٍ منه لإيجاد جوٍ من التآلف والتآخي والتآزر بين أعضائه، الذين يمثلون في
مجموعهم جسداً واحداً مُتماسكاً في مواجهة الظروف المختلفة.وغرس حب الانتماء الإيجابي
للوطن، وتوضيح معنى ذلك الحب، وبيان كيفيته المُثلى من خلال مختلف المؤسسات التربوية
في المجتمع كالبيت، المدرسة، المسجد، النادي، مكان العمل وعبر وسائل الإعلام المختلفة
مقروءة أو مسموعة أو مرئية.العمل على أن تكون حياة الإنسان بخاصّة والمجتمع بعامّة،
كريمة على أرض الوطن، ولا يُمكن تحقيق ذلك إلّا عندما يُدرك كلّ فردٍ فيه ما عليه من
الواجبات فيقوم بها خير قيام. تربية أبناء الوطن على تقدير خيرات الوطن ومعطياته والمحافظة
على مرافقه ومُكتسباته التي من حقّ الجميع أن ينعم بها وأن يتمتع بحظه منها كاملاً
غير منقوص. الإسهام الفاعل والإيجابي في كلّ ما من شأنه خدمة الوطن ورفعته سواء كان
ذلك الإسهام قولياً أو عملياً أو فكرياً، وفي أي مجال أو ميدان؛ لأنّ ذلك واجب الجميع،
وهو أمر يعود عليهم بالنفع والفائدة على المستويين الفردي والاجتماعي.التصدي لكلّ أمر
يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن، والعمل على رد ذلك بمختلف الوسائل والإمكانات
الممكنة والمتاحة. ومن أهم ما نقوم به اتجاه الوطن الغالي الدفاع عنه عند الحاجة إلى
ذلك بالقول أو العمل. إنّ تربية الأبناء على حب الوطن من المعاني المهمة التي يجب على
الآباء والأمهات والمربين زرعها في الأطفال منذ الصغر، فحب الأوطان يكبر في قلوب الصغار
كلما كبرت أعمارهم، وكلما تربى الطفل على حب وطنه، كان مواطناً صالحاً في المستقبل
يشارك في بناء وطنه، ومحصّنا ضد التيارات المنحرفة التي تحاول أن تغزو عقول الشباب
فتحولهم إلى قنابل موقوتة في جسد الأوطان، ولا شك أنّ للآباء والأمهات دوراً كبيراً
جداً في تعزيز انتماء وولاء الأبناء للوطن، فالأسرة هي لبنة المجتمع الأولى ومنها يبدأ
صلاح المواطن والمجتمع، ومنها يبدأ تحصين الأبناء وتعزيز روح المواطنة فيهم.
تم ترديد مصطلح أو مفهوم (الولاء والانتماء
للوطن) كثيرا في كافة المحافل السياسية والثقافية والتربوية، باعتباره ركيزة من ركائز
القيم الوطنية التي أضحت من الضرورات الأساسية في عالمنا المعاصر، نظراً لما تتضمنه
من معانٍ ودلالات عظيمة تمثل أساساً للفطرة السليمة التي بنظر إليها بكثير من الاحترام
والتقدير.
إن انتماء الإنسان إلى وطنه هو انتماء يشمل
كل الأمور التي تخصه، فالوطن ليس حيزًا جغرافيًّا نعيش به فحسب، بل أكبر من ذلك بكثير،
وكلمة وطن أشمل وأعمُّ من ذلك بكثير؛ فالوطن هو تاريخ المرء، وجذوره، وأسلافه، ومخزونه
الثقافي، وكل ما يَمُتُّ إليه بصلة، فليس هناك تعارُض أو تناقض بين الانتماء إلى الوطن
والانتماء إلى الدين في الرؤية الإسلامية؛ لأن الانتماء الوطني منبعه من الانتماء الديني،
ويستمد قواعده من الشريعة وأساسها، وعليه فإن الانتماء للوطن انتماء وولاء بحكم الشرع
أولاً، ثم بحكم الفطرة وسنن الله في الخلق، فالوطن جزءٌ من كِيان الأمة الإسلامية ومحبته
والولاء له والانتماء إليه، مما تقتضيه الضرورة وتدعو إليه الفطرة وتعاليم الشريعة.
إن مفاهيم الانتماء والولاء للوطن يكتسبها
الإنسان من تلقاء ذاته، ولا تُملى عليه، إلا أن الضرورة تحتم غرسها وتعزيزها في نفس
كل مواطن ليمارس حقوقه المشروعة، متحلياً بأخلاقيات المواطنة والسلوكيات السليمة. فمثلا
انتساب الولد إلى أبيه هو انتماء واعتزازه به، ومفهوم الانتماء الوطني وراثي يولد مع
الفرد من خلال ارتباطه بوالديه وبالأرض، وهو مكتسب بحكم الواقع، حيث ينمو ويترعرع وينشأ
منذ نعومة أظافره ويرتبط بالوطن من خلال مؤسسات المجتمع المتمثلة في المسجد والمدرسة
والأسرة وما يحيط به من عوامل طبيعية وصناعية.
الانتماء للوطن والولاء له من القيم السامية
النبيلة، ومن أبرز مظاهر القيم الوطنية التي يراد تعزيزها، ولقد تناول المهتمون في
مضامين هذا الولاء والانتماء للوطن بالكتابة عن الانتماء وتحديده بشحنة وجدانية كامنة
يمكن تحديدها من خلال مجموعة من الممارسات السلوكية الصادرة عن الفرد، بحيث تكون تلك
الممارسات معبرة عن موقف الفرد ورؤيته تجاه ما يحدث من مواقف في مجتمعه. ولقد ظهرت
الكثير من مضامين الانتماء الوطني الجيدة من خلال الشحنات الوجدانية الإيجابية لدى
المواطنين كحربنا على الارهاب مثلا.
كما يُعد الانتماء الوطني حاجة ضرورية وهامة
تشعر الفرد بالروابط المشتركة بينه وافراد مجتمعه، وتقوية شعوره بالانتماء للوطن وتوجيهه
توجيهاً يجعله يفتخر بالانتماء ويتفانى في حب وطنه ويضحي من أجله، كما أن مشاركة الانسان
في بناء وطنه تشعره بجمال الوطن وبقيمة الفرد في مجتمعه وينمي لدى الفرد مفهوم الحقوق
والواجبات.
ومن مضامين الانتماء والولاء قيمة الاعتزاز
والفخر بالانتساب لهذا الوطن ولجميع مؤسساته المدنية والأمنية، والعمل الجاد لتحقيق
المصلحة العامة لأبناء هذا الوطن. وتعد طاعة ولي الأمر والتفاعل معه والالتفاف حوله
جزءاً مهماً لتحقيق الانتماء الوطني لتماسك المجتمع ونجاحه في بلوغ أمنه ونجاح خطط
التنمية وتحقيق رفاهيته، خاصة أنه يعمل على خدمة الوطن والمواطن على حدٍ سواء، ويحرص
على راحته ويعمل على تطوير مجتمعه مع المحافظة على قيمه وعاداته وتقاليده التي تربى
عليها.
كما أن من قيم الانتماء والولاء للوطن؛
العمل على إبراز قيمة الوحدة الوطنية وجعلها هدفا على الجميع تحقيقه والمحافظة عليه،
وأن الوحدة الوطنية هي من مسلمات وطننا التي نعمل على تقويتها والحفاظ عليها، وهي من
مكتسبات هذا الوطن وهي جزء من تفوقه على الكثير من المجتمعات الأخرى.
إن الحفاظ على الأمن الوطني مظهر مهمٌ من
مظاهر الانتماء الوطني للفرد والمجتمع، فالمواطن يعيش على أرض هذا الوطن ويعمل على
الحفاظ على أمنه الفكري والاجتماعي والاقتصادي. ولا ننسى الحرب على المخدرات وكشف الكثير
من أوكارها ومخططيها، وارتياح المجتمع بأسره من الحرص على المحافظة على الأمن إلى الحد
الذي يشعر فيه المواطن أنه يعيش آمناً مستقراً مطمئناً على نفسه وأسرته وماله .
إن المؤسسات التربوية تؤدي دوراً محورياً
إلى جانب القطاعات الحيوية الأخرى في ترسيخ معاني الانتماء والولاء الوطني لدى النشء
والشباب، والقائمة على تقوية الأواصر الأخوية ومواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية،
وتحرير الأجيال من العصبيات المذهبية والحزبية والطائفية والمناطقية، وتدعيم قيم الإسلام
والسلام والمحبة، وصولا إلى خارطة حضارية واحدة للوطن الواحد الذي يظل أكبر من أي انتماءات
وولاءات ضيقة.
وعليه أصبح من الضرورة بمكان تعزيز مفاهيم
الانتماء والمواطنة في نفوس التلاميذ وتنشئتهم على القيم الدينية والأخلاقية والثوابت
الوطنية، ابتداء من إعادة النظر في تحويل مناهجنا الوطنية إلى سلوك يومي يعزّز من جانب
الوعي بالمسؤولية الاجتماعية، عبر سلوكيات تكتسب من خلال ممارسة الأنشطة الدراسية الصفية
واللا صفية، والممارسات اليومية داخل المدرسة وخارجها، والتي تدار وفق رؤية تربوية
تنطلق من احترام الهوية والحفاظ على الثوابت الوطنية والولاء الكامل للوطن، ونبذ العنف
والتعصب، إلى جانب تعليم النشء والشباب أساليب وطرق التعبير عن الرأي و احترام وتقبل
الرأي الآخر.
كما يجب عدم إغفال الدور الذي تنهض به الأسرة
في غرس السلوكيات السليمة في نفوس أفرادها، وتنمية شعورهم بالفخر والاعتزاز لانتمائهم
وتوسيع دائرة الانتماء لتشمل كل جزء من الوطن. وكذلك الإعلام الذي يعد وسيلة رئيسية
وفاعلة تسهم في غرس المفاهيم السليمة عن طريق البرامج الهادفة التي تصب في خانة الولاء
والانتماء للوطن، الذي يدرك حاجته إلى هذا الجيل الذي يعي حقوقه ومتطلباته وتطلعاته
في الاستقرار والوحدة والتنمية والنهوض الحضاري الشامل.
إن التربية الوطنية مسؤولية تضامنية بين
كافة فئات وشرائح المجتمع من الأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام المختلفة، فهي
جزء من مهمة ورسالة عظيمة لا تكتمل عناصرها إلا بتعاون وتضافر الجهود في مختلف القطاعات،
بهدف تعزيز وتنمية ارتباط المواطن ومشاركته الإيجابية في تنمية المجتمع وبناء الوطن
الذي لا يقبل بوجود التخلف النفسي أو الذهني في نفوس أبنائه.
بقي القول إن الانتماء يبدأ تصاعديًّا بانتماء
الإنسان لنفسه، من خلال سعيه لأن يكون الأفضل؛ بتنمية مهاراته وقدراته، وإثبات نجاحه
وتفوُّقه، باعتبار أن هذا النجاح والتفوق وسيلة مثلى للتواصل مع غيره، وإذكاء روح المنافسة
الإيجابية، ثم بالانتماء إلى أسرته (وطنه الصغير)، من خلال الترابط العائلي وتنمية
روح المشاركة بودٍّ وحب وتآلُفٍ وتناغم، وبداية الإحساس بالمسؤولية الجماعية، ثم بالانتماء
إلى المجتمع الصغير وهو المدرسة والجامعة للطالب والطالبة، والوظيفة والعمل حتى يتخطَّى
تلك المرحلة، ويظهر ملمح هذا الانتماء جليًّا في الإحساس بالفخر لانتمائك إلى مدرسة
كذا أو جامعة كذا، أو العمل في شركة ما، والدفاع عن هذا الكِيان الذي ينتسب إليه، وعدم
قَبول أي مساسٍ به، فأي انتقاص من قدره يعده انتقاصًا لقدره وقيمته الذاتية، ثم بالانتماء
للوطن الكبير، وهو الذي يفرز حبًّا فيَّاضًا للوطن. فمهما تكررت العبارات والمقالات
عن الانتماء لوطننا ومهما حفظناها، فلن يكون لها أي تأثير طالما افتقدت السلوك المعبر
عن الايمان بها.
نبذ العنف والتعصب
يعتبر التعصب - بإشكاله المختلفة- ظاهرة
قديمة حديثة يرتبط بها العديد من المفاهيم كالتمييز العنصري و الديني والطائفي والجنسي.
والتعصب هو بمثابة شعور داخلي يدفع الإنسان إلى أن يرى نفسه على حق، ويرى الآخرين على
باطل، ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف متزمتة ينطوي عليها مصادرة الآخر واحتقاره
وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته لقد نصت المادتان (1،2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
على : أن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا العقل والوجدان
وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء. لجميع الناس التمتع بهذه الحقوق بلا تمييز
بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر ودون تفريق
بين الرجال والنساء».
ولتعصب أشكال مختلفة قد يرتبط بعضها ببعض
ومنها، التعصب الديني تقول رسالة عمان بخصوص الدين الإسلامي الحنيف وابتعاده عن التعصب
ان « هذا الدين ما كان يوماً إلا حرباً على نزعات الغلوّ والتطّرف والتشدّد، ذلك أنها
حجب العقل عن تقدير سوء العواقب والاندفاع الأعمى خارج الضوابط البشرية ديناً وفكراً
وخلقاً، وهي ليست من طباع المسلم الحقيقي المتسامح المنشرح الصدر، والإسلام يرفضها
- مثلما ترفضها الديانات السماوية السمحة جميعها - باعتبارها حالات ناشزة وضروباً من
البغي».
ويتصف الإفراد الذين يتصفون بالتعصب بسمات
منها:- التسلط والجمود في التفكير، اللجوء إلى العنف لتحقيق الغايات، التمركز حول الذات
وعدم تقبل الحوار مع الآخرين.
ويمكن تحديد الأسباب والعوامل التي تؤدي
إلى التعصب بعاملين أساسيين أولهما مرتبط بالفرد وآخر مرتبط بمحيطه.
أولا: عوامل مرتبطة بالفرد وتكوينه النفسي.
1- محاولة الفرد إشباع بعض حاجاته: مثال
ذلك الحاجة إلى الشعور بان الفرد يحتل مركزا مرموقا بين الآخرين أو الشعور انه أفضل
من الآخرين فقد تدفع مثل هذه الحاجة الفرد إلى تقوية هذا الاتجاه العنصري حيث يتيح
له الفرصة لاحتقار البعض والتعالي عليهم لإشباع حاجاته، إلى الشعور بأنه أفضل منهم.
2-حاجات اقتصادية: تندرج هذه الحاجة تحت
التعصب لسلبياتها، فالفرد الذي يعيش تحت ظروف الفقر يجبر بعضهم إلى سؤال الغني الذي
قد يحتقره بشكل علني، مما يتيح البعض من الفقراء إلى اعتقاد ان له حقا لدى الغني، مما
يفتح المجال لنفسه بالانخراط في النهب والتعدي على الآخرين بدعوى التحرر من الفقر وإشباع
رغباته.
3-التعبير عن العدوان : فالتعصب وما يعبر
عنه من سلوك عدائي يعطي الفرصة لمن يعاني من إحباطات مختلفة بالتعبير عن عدوانه، في
مجال قد يتسامح فيه المجتمع بل قد يعمل الآخرون على تنميته هذا الشعور لديه، ويقال
في مثل هذه الحالة إن الفرد لجأ بصورة لا شعورية إلى الإحلال أو الإبدال، وهي حيلة
آلية دفاعية لا شعورية، يلجأ إليها الفرد حينما يتعذر عليه لسبب أو لأخر، التعبير عن
انفعال في مجال جماعته التي اختارها أو ارتبط بها، مثال على ذلك فقد يجد الفرد نفسه
غير مقبول اجتماعيا لسبب اضطهاد سياسي, فهو يعبر عن شعوره بالاضطهاد والظلم بكتابة
العديد من المقالات المناهضة للأخر والتي تحمل طابع التعصب والعدوانية، فهنا يتسامح
المجتمع معه، ويعطيه الدافع للكتابة حول ما يواجه من عنصرية وتعصب من جماعته، يساعده
على التنفيس عن ما يدور في خلده من أفكار.
4-الإسقاط: فقد يلجأ الفرد تخلصا من القلق
ومشاعر الإثم المرتبطة بنقائص يدركها في شخصيته وسلوكه إلى إسقاط هذه النقائص على الآخرين.
ثانياً: عوامل محيطة بالفرد
1- الأسرة: قد تقوم الأسرة بدور تنمية الاتجاه
العنصري لدى أطفالها، وقد يتم هذا الدور بصورة مباشرة عن طريق تلقين الطفل انه ينبغي
أن يسلك سلوكا معينا أو يشعر بمشاعر خاصة وان يكون لديه مدركات معينه اتجاه بعض الجماعات
أو الفئات. وقد يتم هذا الدور بصورة غير مباشرة عن طريق إدراك الطفل لسلوك والديه وحديثهما
عن أفراد هذه الجماعات.
2- الرفقة والجيرة: أيضا لهم دورهم في تنمية
هذا الاتجاه، فالطفل يكتسب منهم اتجاهاته وقيمه وسلوكه، وشأن التعصب في ذلك شأن بقية
الاتجاهات والخصائل التي يمكن أن نكتسبها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من المحيط الذي
نعيش فيه.
ويمكن إجمال الوسائل التي تؤدي إلى التحرر
من التعصب الفهم السليم للتعاليم الدينية، وعدم ربط الأفعال العدوانية للمتعصبين بالدين»
والتطرف بكل أشكاله غريب عن الإسلام الذي يقوم على الاعتدال والتسامح. ولا يمكن لإنسان
أنار الله قلبه أن يكون مغاليا متطرفا». يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم (وكذلك جعلناكم
أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) « البقرة :143».
التعايش السلمي وتقبل الحوار بين الثقافات
والأديان «لقد تبنت المملكة الأردنية الهاشمية نهجا يحرص على إبراز الصورة الحقيقية
المشرقة للإسلام ووقف التجني عليه ورد الهجمات عنه، بحكم المسؤولية الروحية والتاريخية
الموروثة التي تحملها قيادتها الهاشمية بشرعية موصولة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم،
صاحب الرسالة، ويتمثّل هذا النهج في الجهود الحثيثة التي بذلها جلالة المغفور له بإذن
الله تعالى الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه على مدى خمسة عقود، وواصلها، من بعده،
بعزم وتصميم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، منذ أن تسلّم الراية، خدمة للإسلام».
رسالة عمان.
التمسك بمبادئ الإسلام وقيمه.
التمسك بحقوق العدالة التي تضمنتها المعاهدات
والمواثيق الدولية جميعها.
الاعتراف بالخطأ وتقبل النقد من الآخرين.
مقاومة الفتن والإعلام المظل.
التمسك بان الشرائع السماوية والوضعية التي
نادت بفكرة العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد من جهة، وبين أفراد المجتمع
الإنساني ككل من جهة أخرى. فلا خلاف بين فرد وأخر إلا بما يقدمه من خدمة لمجتمعه ووطنه،
وبما يتحلى به من مواطنة صالحة، ومن سمات في التسامح ونبذ العنف وعدم التعصب.
التعاون مع الآخرين والاستفادة مما عندهم
من معارف وخبرات، والإفادة من ثورة الاتصالات، وترسيخ البناء التربوي للفرد المسلم
القائم على الثوابت المؤسّسة للثقة في الذات، والعاملة على تشكيل الشخصية المتكاملة
المحصنة ضد المفاسد، والاهتمام بالبحث العلمي والتعامل مع العلوم المعاصرة على أساس
نظرة الإسلام المتميزة للكون والحياة والإنسان، والاستفادة من إنجازات العصر في مجالات
العلوم والتكنولوجيا.) رسالة عمان) وعليه فالأمل معقود على علماء أمتنا أن ينيروا بحقيقة
الإسلام وقيمه العظيمة عقول أجيالنا الشابة، بحيث تجنبهم مخاطر الانزلاق في مسالك الجهل
والفساد والانغلاق والتبعيّة، وتنير دروبهم بالسماحة والاعتدال والوسطية والخير، وتبعدهم
عن مهاوي التطرّف والتشنج المدمّرة للروح والجسد؛ كما نتطلع إلى نهوض علمائنا إلى الإسهام
في تفعيل مسيرتنا وتحقيق أولوياتنا بأن يكونوا القدوة والمثل في الدين والخلق والسلوك
والخطاب الراشد المستنير، يقدمون للأمة دينها السمح الميسر وقانونه العملي الذي فيه
نهضتها وسعادتها، ويبثون بين أفراد الأمة وفي أرجاء العالم الخير والسلام والمحبّة،
بدقة العلم وبصيرة الحكمة ورشد السياسة في الأمور كلها، يجمعون ولا يفرقون، ويؤلفون
القلوب ولا ينفرونها، ويستشرفون آفاق التلبية لمتطلبات القرن الحادي والعشرين والتصدي
لتحدياته.