طبيعة المناعة ضد الحصبة: هل تكفيك إصابة واحدة؟ هل يمكن الإصابة مجدداً؟ فهم الفرق بين المناعة الطبيعية واللقاح. فحص مناعة الحصبة.
تُعد الحصبة (Measles) من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى، والتي كانت تُشكل تهديداً كبيراً للصحة العامة قبل ظهور اللقاح. مع التقدم في برامج التطعيم، أصبحت الحصبة أقل شيوعاً، ولكن الأسئلة حول المناعة ضد هذا المرض لا تزال تُطرح بكثرة: هل تُوفر الإصابة بالحصبة مناعة دائمة؟ وهل من الممكن الإصابة بها مرة أخرى؟ فهم آليات المناعة ضد الحصبة أمر بالغ الأهمية لكل من الأفراد ومقدمي الرعاية الصحية، لأنه يُشكل أساس استراتيجيات الوقاية الصحية العامة. في هذا الدليل، سنتعمق في طبيعة المناعة ضد الحصبة، مُجيبين على هذه الأسئلة الشائعة، ومُسلطين الضوء على أهمية التطعيم.
أنواع المناعة ضد الحصبة
تُكتسب المناعة ضد الحصبة بطريقتين رئيسيتين:
1. المناعة الطبيعية (Natural Immunity):
تُكتسب هذه المناعة بعد الإصابة بفيروس الحصبة الطبيعي. عندما يُصاب الشخص بالحصبة ويتعافى منها، يُنتج جهازه المناعي أجساماً مضادة محددة ضد الفيروس. تُعتبر هذه المناعة قوية وطويلة الأمد، وغالباً ما تُوفر حماية مدى الحياة ضد الإصابة بفيروس الحصبة مرة أخرى[1].
2. المناعة الناتجة عن اللقاح (Vaccine-induced Immunity):
تُكتسب هذه المناعة عن طريق تلقي لقاح الحصبة (MMR - الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية). يحتوي لقاح MMR على فيروس حصبة موهن (ضعيف) يُحفز الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة دون التسبب في المرض الفعلي. يُوفر هذا اللقاح حماية ممتازة:
- جرعة واحدة من لقاح MMR: تُوفر حوالي 93% حماية ضد الحصبة.
- جرعتان من لقاح MMR: تُوفر حوالي 97% حماية ضد الحصبة[2].
تُعد المناعة الناتجة عن اللقاح أيضاً طويلة الأمد وفعالة جداً في منع المرض الشديد والمضاعفات.
هل الإصابة مرة واحدة كافية للمناعة؟
بشكل عام، نعم. إذا أُصيب الشخص بالحصبة المؤكدة مخبرياً وتعافى منها، فإنه يُفترض أنه اكتسب مناعة دائمة ضد الإصابة مرة أخرى بفيروس الحصبة. وهذا يعني أن الإصابة الطبيعية بفيروس الحصبة تُعطي مناعة قوية تدوم عادةً مدى الحياة.
هل يمكن الإصابة بالحصبة مجدداً؟
على الرغم من أن المناعة بعد الإصابة الطبيعية بالحصبة تُعتبر مدى الحياة، إلا أن هناك بعض السيناريوهات النادرة التي قد تُثير هذا السؤال:
- التشخيص الخاطئ: في بعض الأحيان، قد يُشخص مرض طفح جلدي آخر (مثل الحصبة الألمانية، أو الوردية، أو أمراض الطفح الفيروسي الأخرى) على أنه حصبة. في هذه الحالة، إذا تعرض الشخص لاحقاً لفيروس الحصبة الحقيقي، فإنه سيُصاب به لأنه لم يكتسب مناعة ضد الحصبة فعلياً من قبل.
- ضعف الاستجابة للقاح (نادر): في حالات نادرة جداً، قد لا يُنتج الجسم استجابة مناعية كافية بعد تلقي اللقاح، مما يترك الشخص معرضاً لخطر الإصابة، خاصة إذا لم يتلقى جرعتين من اللقاح.
- انخفاض المناعة بمرور الوقت (نادر جداً مع الحصبة): بينما يُعتقد أن المناعة الطبيعية ضد الحصبة دائمة، وفعالية اللقاح تدوم لعقود، هناك نقاش حول إمكانية تضاؤل المناعة بمرور وقت طويل جداً (على سبيل المثال، بعد عدة عقود من تلقي اللقاح). ومع ذلك، حتى لو حدث ذلك، فإن أي إصابة محتملة تكون عادةً أخف بكثير.
- الحصبة المعدلة (Modified Measles): قد تحدث هذه الحالة عند الرضع الذين لا يزال لديهم بعض الأجسام المضادة من الأم (المناعة السلبية)، أو عند الأشخاص الذين تلقوا جرعة واحدة فقط من اللقاح وأصيبوا بالعدوى. تكون الأعراض في هذه الحالات خفيفة وقد لا تتضمن الطفح الجلدي الكلاسيكي، ولكنها تظل إصابة بالحصبة وتُنتج مناعة[3].
بشكل عام، احتمالية الإصابة بالحصبة مرتين بعد الإصابة الطبيعية المؤكدة أو بعد تلقي جرعتين من لقاح MMR هي منخفضة جداً.
كيفية تأكيد المناعة ضد الحصبة
إذا كنت غير متأكد من حالة مناعتك ضد الحصبة، فهناك عدة طرق لتأكيدها:
- سجل التطعيم: التحقق من سجلات التطعيم الخاصة بك لتأكيد تلقي جرعتين من لقاح MMR.
- الولادة قبل عام 1957: في العديد من البلدان، يُفترض أن الأشخاص الذين ولدوا قبل عام 1957 (قبل انتشار اللقاح على نطاق واسع) قد تعرضوا لفيروس الحصبة واكتسبوا مناعة طبيعية. ومع ذلك، لا يُعتبر هذا دليلاً كافياً في جميع الظروف (مثل العاملين في الرعاية الصحية).
- فحص الدم (اختبار الأجسام المضادة): يمكن إجراء فحص دم لقياس مستوى الأجسام المضادة للحصبة (IgG). إذا كانت مستويات الأجسام المضادة كافية، فهذا يُشير إلى وجود مناعة[4].
ماذا تفعل إذا لم تكن محصناً؟
إذا لم تكن لديك مناعة ضد الحصبة، فإن أفضل طريقة لحماية نفسك والمجتمع هي تلقي لقاح MMR. يُنصح البالغون غير المحصنين بشكل عام بتلقي جرعتين من اللقاح بفاصل زمني لا يقل عن 28 يوماً، خاصة إذا كانوا:
- طلاباً في الجامعات.
- عاملين في مجال الرعاية الصحية.
- مسافرين دولياً.
- يعيشون في مناطق ذات مخاطر عالية لتفشي الحصبة.
الخلاصة
تُوفر الإصابة الطبيعية بالحصبة، أو تلقي جرعتين من لقاح MMR، حماية قوية وطويلة الأمد ضد المرض. بينما تُعتبر المناعة بعد الإصابة الطبيعية مدى الحياة، فإن المناعة الناتجة عن اللقاح فعالة للغاية وتُوفر حماية موثوقة لأكثر من 97% من الأشخاص بعد جرعتين. حالات الإصابة المتكررة نادرة جداً وغالباً ما تكون بسبب تشخيص خاطئ أو استجابة مناعية غير كافية للقاح. في ظل التفشيات الحالية للحصبة في بعض المناطق، يُعد التأكد من حالة المناعة ضد الحصبة وتلقي التطعيمات اللازمة أمراً حاسماً للحفاظ على الصحة الفردية والمجتمعية، والمساهمة في هدف القضاء على هذا المرض تماماً.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل الإصابة بالحصبة مرة واحدة تمنح مناعة مدى الحياة؟
نعم، بشكل عام، الإصابة المؤكدة مخبرياً بالحصبة تُوفر مناعة دائمة ومدى الحياة ضد الفيروس.
هل يمكن أن يصاب الشخص بالحصبة بعد تلقي لقاح MMR؟
بعد جرعتين من لقاح MMR، يكون الشخص محصناً بنسبة 97%. حالات الإصابة بعد التطعيم نادرة جداً وتكون عادةً خفيفة.
ما هو أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كنت محصناً ضد الحصبة؟
أفضل الطرق هي التحقق من سجلات التطعيم (جرعتين من MMR)، أو إجراء فحص دم لتحديد مستوى الأجسام المضادة للحصبة.
هل يمكن للمولودين قبل عام 1957 أن يفترضوا أنهم محصنون؟
نعم، يُفترض أن معظم الأشخاص المولودين قبل عام 1957 قد تعرضوا للحصبة واكتسبوا مناعة طبيعية، ولكن هذا الافتراض قد لا يكون كافياً في بعض المهن مثل الرعاية الصحية.
هل تتضاءل المناعة ضد الحصبة بمرور الوقت؟
المناعة الطبيعية والناجمة عن اللقاح ضد الحصبة تُعتبر طويلة الأمد جداً. تضاؤل المناعة بمرور الوقت بعد التطعيم نادر جداً وغير شائع بنفس القدر الذي يحدث مع بعض اللقاحات الأخرى.
المراجع
- ↩ Centers for Disease Control and Prevention (CDC). (2024). Measles (Rubeola): Immunity. Retrieved from [https://www.cdc.gov/measles/about/immunity.html](https://www.cdc.gov/measles/about/immunity.html)
- ↩ World Health Organization (WHO). (2024). Measles vaccines: WHO position paper – April 2017. Retrieved from [https://www.who.int/publications/i/item/who-wer9217](https://www.who.int/publications/i/item/who-wer9217)
- ↩ Mayo Clinic. (2024). Measles. Retrieved from [https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/measles/symptoms-causes/syc-20374857](https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/measles/symptoms-causes/syc-20374857)
- ↩ American Academy of Pediatrics (AAP). (2024). HealthyChildren.org - Measles (Rubeola). Retrieved from [https://www.healthychildren.org/English/health-issues/conditions/A-Z/Pages/Measles.aspx](https://www.healthychildren.org/English/health-issues/conditions/A-Z/Pages/Measles.aspx)
COMMENTS