الخميس، 8 مارس 2018

الااثار الإجتماعية للاسعار والغلاء


الآثار الاجتماعية : الفئات المتضررة
حيث بينت الدراسات التي أجريت أن التأثير يكون أقوى على الفئات الاجتماعية الأقل حظاً , ذوي الدخول المنخفضة , المتقاعدون , ذوي المهارات المتوسطة وأو المنخفضة مهنيا , و الأقليات الاجتماعية  وتؤكد دراسات أخرى على أن ارتفاع الأسعار يؤثر على الفئات الاجتماعية الفقيرة و الغنية أيضا ولكن تأثيره عل على الطبقات الفقيرة فعلى سبيل المثال , تكون الضغوط بالنسبة للفقراء في الغذاء بينما هي في الضرائب بالنسيبة للأغنياء كما أن التأثير يكون أشد بالنسبة للنساء , العائلات الكبيرة  الحجم , المتقاعدون , و أصحاب الدخول الثابتة , ومن يسميهم إيمانويل كاستيل بالعالم الرابع وهي التجمعات الفقيرة في المدن الكوزموبلوتية .
الأثار الاجتماعية : مستوى التحليل
وتختلف التأثيرات الاجتماعية باختلاف مستوى التحليل فعلى مستوى الوحدات الكبرى , تشير الدراسات إلى أن الأزمات الاقتصادية مثل البطالة و غلاء الأسعار تمهد بحدوث أوضاع اجتماعية سلبية مثل : إضعاف دور القانون , إضعاف الروابط الاجتماعية , زعزعة الاستقرار الاجتماعي فعلى سبيل المثال تزيد معجلات غلاء الأسعار العالية من احتمالية ارتكاب جرائم الملكيات الخاصة كالسرقة و النهب كما يؤدي غلاء الأسعار إلى غياب التوازن الاجتماعي بين الجماعات الاجتماعية ولك نتيجة لا عادة توزيع الدخل بصورة غير عادلة , حيث تان هناك مستفيد من ارتفاع الأسعار وأخر متضرر بالإضافة إلى ذلك يؤدي ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع معدل جرائم السطو و السرقة  و الانحراف  ومضاعفة أعباء التنمية الاجتماعية و الاقتصادية وتشويه مسارها أما على مستوى الوحدات الصغرى و التي تمثل في تأثيرات غلاء الأسعار على الأسرة فقد جاءت العديد من الدراسات تؤكد على حقيقتين اثنتين وهما خطورة غلاء الأسعار. ([1])

الاقتصاد على بناء الأسرة و وظائفها وشمولا تأثيراته من حي ث مجال التأثير و المرحلة الزمنية و بشكل اكثر تحديد , تنبه بعض الدراسات إلى حقيقة انب غلاء الأسعار يؤدي إلى زعزعة استقرار الأسرة و اعتلاء صحة أفرادها النفسية بكلمات أخرى ينتج عن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الأسرة نتيجة لارتفاع تكلفة المعيشة بروز مشكلات زواجية كالطلاق  و المشكلات الاجتماعية و وأخرى على مستوى الصحة النفسية بالإضافة إلى ذلك يرتفع غلاء أسعار بالأسرة إلى الوقوع في شرك الاقتراض  والدين لتلبية احتياجات آنية مما ينتج عنه زيادة مديونيات الأفراد و مما لاشك فيه أن زيادة مديونات الأسرة يزيدي من معدلات قلق الأسرة و الخوف من المستقبل و التفكير الدائم في كيفية التخلص من تلك المديونات بشكل يضمن سلامة أفراد الأسرة و امنهم المالي.
مرة أخرى يؤدى غلاء الأسعار إلى خلق ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة بالنسبة للأسرة. حيث يتعذر على أفراد الأسرة الحصول على بعض الاحتياجات الضرورية للعيش , وفي هذا الصدد.  تشير بعض الدراسات إلى انب  النتائج المباشرة لغلاء الأسعار اختفاء بعض السلع الضرورية من سوق المستهلك بشكل يجعل من الصعوبة بمكان الوفاء باحتياجات أفراد الأسرة الضرورية. كما أن الأمر يتعدى محور المنتجات الاستهلاكية إلى محور الخدمات بحيث يجد أفراد الأسرة انفسهم غير قادرين على الاستمرار في الحصول على بعض الخدمات كخدمات النقل و المواصلات مثلا نظرا لارتفاع تكلفتها  من جهة , و الرغبة في ترشيد الإنفاق من جهة أخرى. وتمتد آثار غلاء الأسعار على الآسرة لا تشمل حاضرها ومستقبل أفرادها. أي أن نتائج غلاء الأسعار لاتقف عند حدود زمنية معينة بتجاوز الفترة الزمنية المصاحبة للغلاء إلى فترات زمنية أطول. حيث تشير الدراسات إلى انب من نتائج غلاء الأسعار اتساع دائرة الفقر حيث أن نسبة الأسرة الفقيرة ترتفع خلاء وبعد مرحلة غلاء الأسعار لانخفاض أو حتى انتفاء مصادر الدخل الأسرية بالإضافة إلى قيام الأسرة "تسييل" بعض مدخراتها لمواجهة ارتفاع الأسعار , وبالتالي فقدان مصادر اقتصادية بالغة القيمة في المستقبل. ليس هذا فحسب بل أن الأمر يتعدى فقدان الممتلكات المادية إلى التأثير على عملية التنمية البشرية لأفراد الأسرة. حيث يؤدي ارتفاع الأسعار إلى لجوء بعض الأسر إلى التخفيض أو  إيقاف الإنفاق على تعليم وتربية أبناءها بغية ترشيد الإنفاق حتى. يتسنى لها تحصي الاحتياجات المادية الضرورية مما يؤثر سلبا على بناء الفرد علميا وثقافيا ومهنيا. ([2])
 وليس من باب المبالغة القول بأنه لم يعد هناك مجتمع يخلو من مشكلة غلاء الأسعار بغض النظر عن الأسباب المؤدية إلى حدوثها ، فان مشكلة غلاء الأسعار  تمثل مشكلة اجتماعية تتشابه إلى حد كبير آثارها ونتائجها عبر الزمان والمكان مع اختلاف درجة التأثير وحدته وبالنظر إلى هذه المشكلة على المستوى الإقليمي، نلاحظ أن المجتمعات العربية على اختلاف مستوياتها الاقتصادية تئن تحت وطأة ارتفاع الأسعار وحيث أن محور حديثنا يتمثل في الآثار الاجتماعية لهذه المشكلة على الأسرة، فانه يجدر بنا الإشارة إلى أن الدراسات والمؤتمرات والندوات العلمية تحذر من أخطار الغلاء على البناء الاجتماعي للأسرة فعلى سبيل المثال، أشارت ندوة علمية إلى أن مخاطر الغلاء على الأسرة المصرية تتزايد بشكل يدعو إلى القلق من نتائجها التراكمية حيث أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تقلص نسبة الإنفاق على متطلبات أسرية أخرى ضرورية كالتعليم والرعاية صحية فلما كان الجزء الأكبر من ميزانية الأسرة يذهب إلى شراء السلع الغذائية، أدى نلك إلى خفض الإنفاق على تعليم الأبناء وصحة الأسرة, وهو أمر بلا شك نتائجه السلبية لا اقل خطورة بأي حال من الأحوال عن نقص الغذاء، بيد أنها تكون أكثر وضوحا وتأثيرا في مستقبل الأسرة وأجيالها .
وفي الأردن، حذرت دراسة علمية قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية من المخاطر الاجتماعية لغلاء الأسعار , حيث بينت نتائج الدراسة التي جاءت تحت عنوان "بحث عمالة الأطفال في الأردن" : دراسة وطنية، لتؤكد على أن من بين الأسباب الرئيسة في دفع الأسر بأطفالها إلى سوق العمل غلاء الأسعار, حيث أن الضغوط الاقتصادية تدفع بالأسرة إلى البحث عن مداخيل مالية إضافية لتلبية احتياجات أفرادها الضرورية، ومن بين الحلول السريعة لتحقيق ذلك الأمر تشغيل الصغار في مهن غير ملائمة من حيث طبيعة العمل وشروط السلامة، الأمر الذي يهدد الطفولة البريئة ويعرضها لأخطار مهنية واجتماعية. ([3])
وتمتد آثار الغلاء  لتشمل العنف والإيذاء الأسري بكافة أشكاله, وفي هذا الصدد يؤكد الخبراء والباحثون على أن الغلاء عامل رئيس في العنف الأسري حيث أشار التقرير الصحفي المعد عن العنف الأسري ضد المرأة الفلسطينية إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة تمهد لحدوث مشكلات اجتماعية بالغة السوء, حيث ينتج عن البطالة والفقر وغلاء الأسعار شيوع موجه من الإحباط واليأس الأمر الذي يجعل كثير من أرباب الأسر في حالات انفعالية وعصبية تدفع بهم أحيانا إلى ممارسة العنف الأسري مع أفراد أسرهم من النساء.
وفي دراسة لوزارة الصحة في الإمارات العربية المتحدة، تبين أن المخاطر الاجتماعية والنفسية للغلاء تحتم على صناع القرار سرعة التفاعل بإيجابية مع هذه المشكلة قبل أن تفتك بالبناء الاجتماعي حيث أكدت الدراسة المسحية التي أجريت على أن الظروف الاقتصادية الناجمة عن غلاء الأسعار تؤدي إلى خلق أجواء اجتماعية أسرية يشوبها القلق والحزن والتشاؤم وقد رصدت نتائج الدراسة جملة من التداعيات الاجتماعية الناجمة عن ارتفاع الأسعار التي امتدت من الشعور بالحزن وفقدان الأمل  مرورا بالتفكير في الانتحار والانضمام إلى عصبات وانتهاء بالتعرض إلى إيذاء جسدي . ليس هذا فحسب، ولكن غلاء الأسعار  يمثل مشكلة اجتماعية تؤثر على أفراد الأسرة بأشكال عديدة. وفي انتظار أن تؤكد الدراسات العلمية هذا، فان من الآثار المتوقعة لارتفاع الأسعار لجوء أرباب الأسر إلى زيادة ساعات العمل الأسبوعية بغية زيادة الدخل الأسري. وعلى الرغم من كون ذلك يعني مزيدا من القدرة الاقتصادية على مواجهة غلا الأسعار ، إلا أن الآثار المترتبة على ذلك هو غياب الأبوين أو احدهما عن المنزل لفترات أطول الأمر  الذي من شأنه التأثير على عمليات التربية والتنشئة والرعاية لأفراد الأسرة الصغار والمراهقين والمسنين بشكل قد يؤدي إلى خلق ظروف اجتماعية غير صحية وبالغة الخطورة في بعض الأحيان. ([4])



المراجع
1- المهدى , عادل : 1987 , التضخم العالمي والتخلف الاقتصادي , معهد الإنماء العربي ببيروت & ثابت , رحمه , 2005 " العنف ضد النساء في فلسطين , ظاهرة عالمية أم نتائج مفاهيم اجتماعية" 16/12/2005.
2- الأمين باشا عبد الوهاب زكريا عبد المجيد , مبادئ الاقتصاد , الجزء الثاني  , الاقتصاد الكلي , دار المعرفة , الكويت , 1983.
3- تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية وتأثيرها على مستوى معيشة المواطن ورقة عمل مشتركة مقدمة المنظمة العربية التنمية الزراعية , المركز العربي لدراسات المناطق الجافة , الاقتصادي والاجتماعي , جامعة الدول العربية , الدورة 83 : الخرطوم جمهورية السودان , يناير 2009م.
4- حسام الدين عوض العدل عبدالحميد , التحولات الإجتماعية و الساسية في المجتمع المصري في أعقاب ثورة 25 يناير , دراسة ميدانية 1436هـ , 2015م.
5- رانيا حماده عبد الفتاح , الغلاء  وأهم آثاره الإقتصادية و الإجتماعية , مطبعة العشري , 1996م.
6- رشيد ذرواتي تدريبات على منهية البحث العلمي في العلوم الاجتماعية , هوما للطبع و النشر , الجزائر , 2008.
7- عبد الرحمن بن خلدون مقدمة دار القلم , بيروت , ص 364 , 2002.
8- عبد الخالق وهناء خير الدين , الآثار الاجتماعية وآثاره التوزيعية , دار المستقبل العربي 1994م.
9- على المهدى التكيف الهيكلي للأسعار ومواجهة الغلاء ,  1996م.
10-                    عبد الحميد فراج و سعد برغوت ’ تصميم البحوث , دار النهضة العربية , ص196 , 10-11.
11-                    علد



[1] ) عناية , غازي حسين 1985 , التضخم المالي مؤسسة شباب الجامعة , الإسكندرية , شيحه , مصطفى رشدي 1985 مشكلة غلاء الأسعار في الاقتصاد البترولي : أبعاده البنائية الاقتصادية و الاجتماعية.
[2] ) عناية , غازي حسين 1985 , التضخم المالي مؤسسة شباب الجامعة , مرجع سابق.
[3] ) عبد المنعم عبد الناصر , 2008  " مع استمرار ارتفاع الأسعار للأسر المصرية تنفق 80% من دخلها على الغذاء " صحيفة الشرق" 4/3/2008.
[4] ) المهدى , عادل : 1987 , التضخم العالمي والتخلف الاقتصادي , معهد الغنماء العربي ببيروت & ثابت , رحمه , 2005 " العنف ضد النساء في فلسطين , ظاهرة عالمية أم نتائج مفاهيم إجتماعية" 16/12/2005.