الأمية في الإسلام وعلاجها والموقف الإسلامي منها

الأمية في الإسلام وعلاجها والموقف الإسلامي منها إن من المحزن والمؤسف أن تكون نسبة (الأمية) في بلاد المسلمين تقارب الثمانين في المائة 80 % وأن يوضع العالم الإسلامي كله في دائرة البلاد النامية، وهو تعبير مهذب عن البلاد المتخلفة! أو ما يسمونه (العالم الثالث)، بل هناك بعض الأقطار ربما تهبط لتكون وحدها (عالماً رابعاً)! وإن من أكبر العار على المسلمين أن يظلوا على ح الهم تلك من الأمية والتخلف ودينهم أعظم حافز على التعلم والتقدم
الأمية وعلاجها من منظوراسلامي

الأمية في الإسلام وعلاجها والموقف الإسلامي منها
إن من المحزن والمؤسف أن تكون نسبة (الأمية) في بلاد المسلمين تقارب الثمانين في المائة 80 % وأن يوضع العالم الإسلامي كله في دائرة البلاد النامية، وهو تعبير مهذب عن البلاد المتخلفة! أو ما يسمونه (العالم الثالث)، بل هناك بعض الأقطار ربما تهبط لتكون وحدها (عالماً رابعاً)! وإن من أكبر العار على المسلمين أن يظلوا على ح الهم تلك من الأمية والتخلف ودينهم أعظم حافز على التعلم والتقدم، وهو يهيئ لهم من الأسباب المادية، الاجتماعية ومن المناخ العقلي و النفسي ما يخرجهم من الجهل إلى  العلم، ومن البداوة إلى الحضارة، ومن  الظلمات إلى النور. لقد كان الإسلام - فيما نعلم - أول دين أعلن الحرب على الجهل والأمية ودعا إلى التعليم، ورفع مكانة العلم وأهله. وحسبنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم). وحسبنا أن أول آيات نزلت من القرآن على قلب  النبي الكريم كانت إشادة بفضل القراءة والقلم، و العلم والتعليم بالقلم: (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم) (العلق: 1، 2، 3، 4،5). 

وكانت السورة الثانية في تاريخ نزول القرآن هي سورة\"القلم\"، وإنما سميت بذلك لأن الله أقسم فيها بالقلم وما يسطره به الكاتبون من علم وحكمة، قال - تعالى -: (ن. والقلم وما يسطرون) وأول ما يسطر به هو  القرآن الكريم الذي سماه الله (الكتاب) إيماء إلى هذا المعنى. وقد جرت سنة الله في القرآن: أنه يقسم بالشيء، تنبيها على عظيم منفعته، ولفتاً لأنظار الخلق إليه، وأي شيء أعظم نفعاً من\"القلم\"مذيع  العلم، ومثبته، وناقله إلى الأجيال. وهل المطبعة في عصرنا إلا\"قلم تطور\"فإذا هو يملأ  الدنيا علوماً ومعارف، وثقافة وحضارة؟ إن تمجيد القلم في القرآن و إقسام الله به حث للمسلمين على أن يحسنوا الكتابة به، وبخاصة، أن الإسلام يأمر المسلم بالكتابة في عدة أمور: منها كتابة الدَين (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) (البقرة: 282). ومنها كتابة الوصية كما في الحديث (حق على كل امرئ مسلم ألا يبيت إلا ووصيته مكتوبة عنده) كما جاء في حديث  البخاري وغيره. كما روى عن  النبي - صلى الله عليه وسلم - (حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي). ومن عجب أن  النبي الأمي الذي لم يكن يتلو من كتاب، ولا يخطه بيمينه حتى لا يرتاب المبطلون، لم يقتصر على الحث النظري والترغيب في تعلم القراءة والكتابة، بل جاهد - عليه الصلاة والسلام - أن يدبر الوسائل العملية لنشر التعليم، ومحاربة الأمية ما وجد إلى ذلك سبيلاً. ومن هذه الوسائل الرائعة انتهازه فرصة وقوع عدد من أسرى قريش المشتركين في غزوة بدر في أيدي المسلمين، وكانوا يحسنون الكتابة،

ولا يملكون مالاً ليفدوا أنفسهم، فاشترط  النبي - صلى الله عليه وسلم - لفدائهم أن يعلم كل منهم عشرة من أولاد المسلمين الكتابة. روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (كان ناس من الأسرى لم يكن لهم مال، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدائهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة)، فكان هذا أول مشروع ينظمه رئيس الدولة لإعلان الحرب على الأمية في تاريخ هذه الأمة، بل لعله في تاريخ البشرية كلها. وكان من الذين استفادوا من هذا المشروع من أبناء الأنصار: الفتى العبقري زيد بن ثابت، كاتب الوحي، وجامع القرآن بعد ذلك، والذي كلفه الرسول الكريم تعلم لغة\"يهود\"حتى يقرأ له رسائلهم إليه - صلى الله عليه وسلم -، ويكتب له رسائله إليهم. وحين انتشر  العلم في أوساط المسلمين، اتجه الرسول إلى فرض التكافل بين المسلمين في هذا الجانب، كما فرضه في الجانب المادي المعيشي، فالعالِم عليه أن يعلم الجاهل، والقارئ عليه أن ينور الأمي ويأخذ بيده. روى الطبراني في الكبير عن بكير بن معروف عن علقمة بن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن جده، قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيراً، قال: (ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون؟ والله فيعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، ويتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة). ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال قوم: من ترونه عنى بهؤلاء؟ قال: الأشعريون هم قوم فقهاء، ولهم جيران جفاء من أهل المياه والأغراب، فبلغ ذلك الأشعريين فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا رسول الله، ذكرت أقواماً بخير، وذكرتنا بشر، فما بالنا؟ فقال: ليعلمن قوم جيرانهم وليعظنهم وليأمرنهم ولينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون، أو لأعاجلنهم العقوبة في  الدنيا، فقالوا: يا رسول الله أنفطن غيرنا؟ فأعاد قوله عليهم، وأعادوا قولهم، أنفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضاً، فقالوا: أمهلنا سنة، فأمهلهم سنة يفقهونهم ويعلمونهم ويفطنونهم، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن  مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) (المائدة: 78، 79). ويعلق الدكتور الشيخ مصطفى السباعي - رحمه الله - على هذا الحديث فيقول: وإنك لترى في هذا الحديث من الحقائق ما يجدر التنبيه إليها:
 1- فالرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يقر قوماً على الجهالة بجانب قوم متعلمين.
2- واعتبر بقاء الجاهلين على جهلهم وامتناع المتعلمين عن تعليمهم عصياناً لأوامر الله وشريعته.
3- واعتبر ذلك أيضاً (عدواناً) و (منكراً) يوجبان اللعنة والعذاب.
4- أعلن الحرب والعقوبة على الفريقين حتى يبادروا إلى التعلم والتعليم.
 5- وأعطاهم لذلك مهلة عام واحد للقضاء على آثار الجهالة فيما بينهم.
 6- ولئن كانت الحادثة قد وردت بشأن الأشعريين  العلماء وجيرانهم الجهلاء، فإن الرسول أعلن ذلك المبدأ بصفة عامة، لا بخصوص الأشعريين وحدهم بدليل أن الأشعريين لما جاءوا يسألونه عن سر تخصيصهم بهذا الإنكار كما فهم الناس، لم يقل لهم أنتم المرادون بذلك بل أعاد القول العام الذي سلف ثلاث مرات دون أن يخصصه بالأشعريين، إشعاراً بأن القضية قضية مبدأ عام غير مخصوص بفئة ولا عصر معين. وبذلك يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أعلن مكافحة الأمية قبل أن تعلنه الدول المتحضرة في عصرنا هذا بأربعة عشر قرناً، وإن هذا لعجيب أن يصدر من نبي أمي في بيئة أمية لولا أنه رسول الله. ( )


محارية الأمية و الجهل في الإسلام
لا تجادل بليغا و لا سفيها فالبليغ يغلبك و السفيه يؤذيك. 
النصوص الشرعية 
* قال تعالى:" هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " سورة الجمعة الآية 2.

* عن عبد الله بن أبزى عن أبيه عن جده قال:" خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيرا، ثم قال ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم، ولا يأمرونهم ولا ينهونهم، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد. 

توثيق النصوص 
سورة الجمعة: سورة مدنية، عدد آياتها 11، ترتيبها في المصحف الثانية والستون، نزلت بعد سورة الصف سميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأنها ‏تناولت ‏أحكام ‏‏" ‏ صلاة ‏الجمعة ‏‏" ‏فدعت ‏المؤمنين ‏إلى ‏المسارعة ‏لأداء ‏الصلاة ‏‏، ‏وحرمت ‏عليهم ‏البيع ‏وقت ‏الأذان ‏‏، ‏ووقت ‏النداء ‏لها ‏وختمت ‏بالتحذير ‏من ‏الانشغال ‏عن ‏الصلاة ‏بالتجارة ‏وغيرها‎ .‎‏

سبب نزول السورة : عن جابر بن عبد الرحمن قال كان رسول الله يخطب يوم الجمعة إذا اقبلت عير قد قدمت فخرجوا إليها حتى لم يبق معه لا اثنا عشر رجلا فأنزل الله تبارك وتعالى( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) رواه البخاري عن حفص بن عمر عن خالد بن عبد الله عن حصين 

الشرح اللغوي: 
* الأمي : الذي لا يعرف القراءة و الكتابة و الحساب، والمقصود بهم في النص العرب المعاصرون للرسول صلى الله عليه وسلم لإشتهارهم بالامية ولعدم نزول كتاب سماوي عليهم.
* الجهل : ضد العلم و المعرفة
* يزكيهم : يطهرهم من المعاصي.
* الكتاب والحكمة:القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
* يفقهون جيرانهم: يعلمونهم أمور الدين ويتدارسون أمور دنياهم.

  تفسير سورة الجمعة الآية 2
الله سبحانه هو الذي أرسل في العرب الذين لا يقرؤون، ولا كتاب عندهم ولا أثر رسالة لديهم، رسولا منهم إلى الناس جميعاً، يقرأ عليهم القرآن، ويطهرهم من العقائد الفاسدة والأخلاق السيئة، ويعلِّمهم القرآن والسنة، وإنهم كانوا من قبل بعثته لفي انحراف واضح عن الحق.
مضامين النصوص 
1- بيان الغاية من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تعليم الناس وتزكيتهم وتطهيرهم.
2- دعوة من النبي صلى الله عليه وسلم للجيران لكي يعلموا بعضهم البعض ويتفقهوا في أمور دينهم ودنياهم .

    التــحــلــيل 
الجهل عدو الإنسان : 
- الجهل عدو الإنسان لأنه كثيرا ما يؤدي به إلى الهلاك.
- لا يستطيع الإنسان أن يعيش بسلام بين الناس بدون علم، لأن بالعلم يتعلم الأخلاق و أدب الحوار و التواصل مع الناس.
- الجاهل يكون معرضا للضياع و عدم الانسجام مع محيطه، لأنه يفتقد أهم وسائل التواصل وهو العلم.
- المتعلم يمتاز بالأخلاق الحميدة .
- المتعلم يعرف كيفية التعامل مع الناس بوعي و مسؤولية، و بذلك يكون فردا صالحا في مجتمعه.

كيف حارب الإسلام الجهل و الأمية : 
حدد الإسلام مجموعة أساليب في محاربة الجهل و الأمية و من بينها :
- دعا الآباء إلى تعليم أبنائهم القراءة و الكتابة منذ الطفولة.
- دعا الناس للتعاون فيما بينهم لنشر العلم و وسائله كالكتب و الأشرطة...
- دعا إلى إنشاء المدارس و المعاهد و الجامعات التعليمية.
- دعا العلماء إلى بذل الجهود من أجل توعية الناس و نشر دين الإسلام.
- دعا إلى تعلم مختلف العلوم الدينية و الدنيوية. 

محو الامية في الإسلام
في شهر سبتمبر من كل عام نحتفل باليوم العالمى لمحو الأمية والذى تصادف هذا العام مع شهر رمضان الكريم والذى نزلت فيه اول آية تدعو للتسلح بالعلم ومحو الجهل يقول تعالى “اقرأ باسم ربك الذى خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذى علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم ” .

فقد دعا الإسلام إلى محو الأمية مع أول بزوغه لأنه ولد فى عالم يعانى الجهل والأمية ، والأمية تفرض الجهل على العقل وتغلقه عن أى شىء، وكيف يدخل الإسلام أمة دعاها الجهل إلى حروب الهدف منها هو جلب الغنائم والسبايا ووأد البنات ، ومن هنا دعا الدين الجديد منذ أربعة عشر قرنا لمحو الأمية ومنذ ذلك الوقت والعلم يشهد تطوراً كبيراً حتى يومنا هذا .

وعلى الرغم من ذلك لازلنا نعانى من الأمية مع أن الأبواب مفتوحة أمام الجميع ، والأصعب أننا نرى الصغار يتسربون من المدارس ، وبل ونرى الأباء يسهلون ذلك عليهم بهدف توجيههم إلى العمل ، او لزواج البنات ، ولايدرك الأباء تاثير ما فعلوه فى ابنائهم نتيجة حرمانهم من التعليم ، ومن هنا ندعو كل من حرم من التعليم ليبدا من جديد حتى يصل لهدفه ويمحو أميته بيده ، وحتى تتحسن اوضاعه ولتكن البداية من شهر القرآن شهر رمضان الكريم .

فى البداية تقول الدكتورة سامية خضر استاذة علم الاجتماع : الأمى ، هو الإنسان الذى لايستطيع قراءة وكتابة جملة قصيرة بسيطة عن حياته ، أو إذا كان يستطيع القراءة ولا يستطيع الكتابة،وذلك حسبما اوضحت “اليونسكو” منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ، فى تعريفها للأمى .

وقد شهدت الأمية فى مصر انخفاضاً خلال الثلاثين عاماً الأخيرة بدرجة كبيرة ، حيث أوضحت نتــائج التعــدادات الأربعة الأخيرة من عام 67 وحتى عام 2006 . أن نسبة الأمية كانت 56.2 % ، 49.6 % ، 39% ، 29.7 % على التوالى .

يعتبر محو الأمية سبباً للاحتفال حيث أن الإنسانية قد حققت تقدماً متميزاً في هذا المجال وحيث يوجد حالياً 4 بليون مثقف في العالم. غير أن محو الأمية للجميع - أطفال، وشباب ومراهقين - لم يتحقق حتى الآن ولا يزال هدفاً متحركاً، وترجع الدكتورة سامية السبب فى ذلك إلى عدة عوامل مجتمعة مع بعضها البعض ومنها الأهداف الطموحة، والجهود المتوازية غير الكافية، والتقدير غير الصحيح لحجم وعظمة هذه المهمة.

مؤكدة ان الأمية فضلاً عن أنها عار يلطخ الجباه، هي خطر يتهدّد الأجيال الحاضرة والقادمة.

ويقول الدكتور جمال قطب : لا احد ينكر أن الأمية تعد أحد المعوقات المؤثرة في مسيرة التنمية الشاملة للعالم الإسلامي، ولا احد ينكر ايضاً ان الظروف التي يمر بها العالم الإسلامى اليوم تتطلب التعامل مع الأمية بعقلية جديدة، وبأسلوب حديث غير تقليدي، وذلك للخروج سريعاً من الوضع الحالي، ولتجاوزه إلى وضعٍ أكثر تناسباً وانسجاماً مع الهوية الحضارية للشعوب الإسلامية.

والسبيل الذى امامنا حتى نتغلب على الامية هو التعاون وتبادل الخبرات وتكامل الجهود والتنسيق فيما بينها، عندئذ يمكننا محاصرة الأمية في أضيق نطاق، والحدّ من انتشارها بكل الوسائل، تمهيداً للقضاء عليها نهائياً للوصول إلى تحقيق الهدف وهو بناء مجتمع المعرفة والمعلوميات الذي هو المدخل إلى مجتمع التقدم الحضاري في المجالات كافة.

ويؤكد الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن الإسلام منذ أن سطع نوره دعا إلى التعلم ومحو الجهل ، فبالنظر إلى نزول الوحى على رسولنا الكريم صلوات الله عليه كان أوله ” إقرأ ” ووضحت لنا واقعة الوحي ذاتها مغزى القراءة ومعناها، بأنها ليست إجادة الكتابة وإنما هي التعليم والفهم والوعي والادراك.

فعندما جاء جبريل للنبى -صلى الله عليه وسلم - جاءه بنمط من ديباج فيه كتاب فقال: إقرأ، فرد الرسول بما معناه أنه لا يجيد القراءة فغته جبريل أي ضمه إليه حتى ظن الرسول أنه الموت. وتكرر الحوار حتى سأله الرسول ماذا يقرأ؟ فنزلت أول آية وأول سورة في القرآن الكريم: 

“إقرأ بأسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربُّك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم” وما أن قرأ جبريل عليه السلام السورة حتى طبعت في قلب النبي وبدأت الإنسانية منذ هذه الساعة طوراً جديداً.

والبداية بقوله “اقرأ” دلالة ميلاد طور جديد للإنسانية بلغت فيه سن الرشد والنضج، فكانت كلمته الأولى “إقرأ” بصيغة الأمر والوجوب، وإن ذلك كان بداية جديدة للبشرية. وإنه بدون فهم هذه الدلالة يستحيل علينا أن نفهم ونعي أبعاد التغيرات التي حدثت في عصر النبوة، فقد اصبح كبار الصحابة حكماء وفقهاء وليسوا مجرد قارئين كاتبين في ظل العلم الإسلامي الذى وجهنا اليه ديننا.

ويوضح لنا الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامى أن الإسلام جاء ليمحو أمية البشرية ويكفينا لتأكيد ذلك فهم العلاقة بين ضرورة العلم وشروط اختيار الإمام، التى توجب التفقة لمن يتولى السلطة قبل أن يتولاها لأن العلم هو حياة النفس الإنسانية، وبحكم العلماء تحيا الأمة. أما النقيض ففيه الهلاك، يقول الخليفة عمر بن الخطاب “تفقهوا قبل أن تسودوا.. إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكاً له ولهم”..رواه البخاري والدارمي. 

ولذلك فلم يكن غريباً أن نجد كل تيارات الإسلام الفكرية تجمع على اشتراط أن يكون الحكم للعلماء، وأن تكون السلطة لأهل العقل.. وأن تكون الولاية العظمى للمجتهدين. فالإمام يجب أن يكون عالماً، لا يقل عن مبلغ المجتهدين في الأصول والفروع في الحلال الحرام وسائر الأحكام، له رأي ومعرفة بالأمور ومهتدياً إلى وجوه التدبير في السلم والحرب صاحب عقل يضمن صلاح التصرفات. فإذا تخلف هذا الشرط فلا شرعية للدولة والولاية والإمامة.

ومما يؤكد حق التعلم والتعليم للإنسان في ظل الإسلام حسبما تقول الدكتورة سعاد صالح ، ما طبقته السنة النبوية في فداء أسرى معركة بدر ، حيث جعل النبى صلى الله عليه وسلم تعليم الكتابة لعشرة من أبناء المسلمين كافياً لإطلاق سراح الأسير.

وروى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجلسين في مسجده فقال: كلاهما خير، وأحدهما أفضل من صاحبه. أما هؤلاء (مجلس عبادة) فيدعون الله، ويرغبون إليه، فإن شاء أعطاهم، وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء (مجلس العلم) فيتعلمون الفقه والعلم، ويعلمون الجاهل، فهم أفضل، وإنما بعثت معلماً. ثم جلس صلى الله عليه وسلم بينهم.

وقد اوضح القرآن الكريم حق المسلم فى التعلم وأعلى من شأن العلماء ، وجعل التفكير فريضة إسلامية، وجاءت السنة النبوية لتقدم التطبيق العملي لحق المسلم في العلم والتعلم، ومن هنا تبرز فلسفة حق الإنسان في العلم والتعليم كما حددها الاسلام والتى ترتكز على ركائز أساسية أهمها:

أن العلم فرض عين على المسلم، يمكنه من ان يؤدي فرائض الله ، وأن العلم المتخصص فرض كفاية إذا قام به نفر من المسلمين سقط عن الآخرين، وإلا أثم الجميع ومثال ذلك صناعة (القنبلة الذرية مثلا لحماية الامة ).

والعلم وسيلة للإيمان وليس نقيضاً له، وفريضة إسلامية والحديث الذي رواه ابن ماجة يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم “طلب العلم فريضة على كل مسلم”، كما يقول صلوات الله عليه “إن مثل علم لا ينتفع به كمثل كنز لا ينفق في سبيل الله”رواه الإمام أحمد في مسنده.