تستوستيرون الرجل: تأثيراته الصحية والاضطرابات

تستوستيرون الرجل: تأثيراته الصحية على الجسم والاضطرابات الناتجة عن انخفاضه أو ارتفاعه. تأثيرات تستوستيرون الرجل: العضلات، العظام، المزاج، والطاقة.

يُعد التستوستيرون هرموناً ستيرويدياً ذكورياً أساسياً يُنتج بشكل رئيسي في الخصيتين لدى الرجال، وبكميات أقل في الغدد الكظرية. يُعرف غالباً بـ "هرمون الذكورة" لدوره المحوري في تطوير الخصائص الجنسية الذكرية الثانوية، مثل نمو شعر الوجه والجسم، تعميق الصوت، وتطور كتلة العضلات والعظام.

ومع ذلك، تتجاوز تأثيرات التستوستيرون بكثير مجرد الخصائص الجنسية، حيث يُؤثر بشكل عميق على جوانب متعددة من صحة الرجل ورفاهيته، بما في ذلك الصحة الأيضية، وظيفة الجهاز العصبي، المزاج، والطاقة.

يُقدم هذا المقال استكشافاً شاملاً لتأثيرات التستوستيرون الصحية على جسم الرجل، ويُسلط الضوء على الاضطرابات الشائعة المرتبطة بانخفاضه أو ارتفاعه، مع التركيز على التشخيص الدقيق والخيارات العلاجية المتاحة، مُعززاً بفهم علمي دقيق لدور هذا الهرمون الحيوي.

أهمية التستوستيرون في جسم الرجل: دور متعدد الأوجه

يلعب التستوستيرون أدواراً حيوية بدءاً من التطور الجنيني ووصولاً إلى مرحلة الشيخوخة. يُمكن تلخيص تأثيراته الصحية الرئيسية في النقاط التالية[1]:

  1. التطور الجنسي والإنجابي:
    • قبل الولادة: يُحدد التستوستيرون تطور الأعضاء التناسلية الذكرية.
    • البلوغ: يُحفز نمو الخصيتين والقضيب، ظهور شعر العانة والإبط والوجه، تعميق الصوت، وزيادة كتلة العضلات والعظام.
    • الخصوبة: ضروري لإنتاج الحيوانات المنوية (Spermatogenesis).
    • الرغبة الجنسية (Libido): يُلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على الدافع الجنسي.
  2. صحة العظام:
    • يُساهم التستوستيرون في زيادة كثافة المعادن في العظام (Bone Mineral Density - BMD)، مما يُقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور، خاصة مع التقدم في العمر.
  3. كتلة العضلات والقوة:
    • يُعزز تخليق البروتين في العضلات ويُقلل من انهيارها، مما يُؤدي إلى زيادة الكتلة العضلية والقوة.
  4. توزيع الدهون في الجسم:
    • يُؤثر على توزيع الدهون في الجسم، ويميل الرجال ذوو المستويات الطبيعية من التستوستيرون إلى امتلاك نسبة دهون أقل مقارنة بالنساء أو الرجال الذين يُعانون من نقص التستوستيرون.
  5. إنتاج خلايا الدم الحمراء:
    • يُحفز إنتاج الإريثروبويتين، وهو هرمون يُحفز نخاع العظم لإنتاج خلايا الدم الحمراء.
  6. الصحة النفسية والمزاج:
    • يُؤثر على المزاج، الطاقة، والوظائف المعرفية مثل التركيز والذاكرة. ارتبط انخفاض مستوياته بالاكتئاب، التهيج، والتعب.
  7. صحة القلب والأوعية الدموية:
    • تُشير الأبحاث الحديثة إلى أن مستويات التستوستيرون المُثلى قد تُساهم في صحة القلب والأوعية الدموية، بينما ارتبطت المستويات المنخفضة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.

اضطرابات التستوستيرون: نقص التستوستيرون (قصور الغدد التناسلية)

يُعد نقص التستوستيرون (Hypogonadism أو Low T) الاضطراب الأكثر شيوعاً المتعلق بهرمون التستوستيرون لدى الرجال. يُعرف بأنه حالة تُنتج فيها الخصيتان كمية غير كافية من التستوستيرون. تُقدر الدراسات أن هذه الحالة تُؤثر على نسبة كبيرة من الرجال، وتزداد شيوعاً مع التقدم في العمر[2].

أسباب نقص التستوستيرون:

يُمكن تصنيف الأسباب إلى:

  • قصور الغدد التناسلية الأولي (Primary Hypogonadism): تُوجد مشكلة في الخصيتين نفسهما، مثل:
    • إصابة الخصيتين (صدمة، عدوى النكاف، العلاج الإشعاعي/الكيميائي).
    • الخصية المعلقة (Undescended Testicles).
    • متلازمة كلاينفلتر (Klinefelter Syndrome) - حالة وراثية.
  • قصور الغدد التناسلية الثانوي (Secondary Hypogonadism): تُوجد مشكلة في الغدة النخامية أو منطقة ما تحت المهاد في الدماغ، التي تُتحكم في إنتاج التستوستيرون، مثل:
    • أورام الغدة النخامية.
    • بعض الأمراض المزمنة (مثل السكري، السمنة).
    • تناول بعض الأدوية (مثل الأدوية الأفيونية).
    • الشيخوخة الطبيعية (انخفاض التستوستيرون المرتبط بالعمر).

أعراض نقص التستوستيرون:

تُختلف الأعراض من شخص لآخر وتُعتمد على شدة النقص والعمر، ولكنها قد تُشمل[3]:

  • أعراض جنسية: انخفاض الرغبة الجنسية، ضعف الانتصاب، انخفاض حجم السائل المنوي، تساقط شعر الجسم والوجه.
  • أعراض جسدية: انخفاض كتلة العضلات، زيادة دهون الجسم (خاصة حول البطن)، انخفاض كثافة العظام (هشاشة العظام)، التعب العام، الهبات الساخنة.
  • أعراض نفسية ومعرفية: تقلبات المزاج، الاكتئاب، التهيج، صعوبة التركيز، مشاكل في الذاكرة.

تشخيص نقص التستوستيرون:

يُشمل التشخيص عادةً فحصاً بدنياً، مراجعة الأعراض، وقياس مستويات التستوستيرون في الدم، ويفضل أخذ عينة الدم في الصباح الباكر (بين 7 و 10 صباحاً) عندما تكون المستويات في ذروتها. قد تُجرى اختبارات إضافية لتحديد سبب النقص، مثل قياس هرمونات الغدة النخامية (LH و FSH)[4].

علاج نقص التستوستيرون:

الخيار العلاجي الأكثر شيوعاً هو العلاج ببدائل التستوستيرون (Testosterone Replacement Therapy - TRT)، والذي يُمكن أن يُعطى بعدة طرق:

  • الحقن: تُعطى في العضلات كل 1-4 أسابيع.
  • الجل أو اللاصقات الجلدية: تُطبق يومياً على الجلد.
  • الحبوب الفموية: أقل شيوعاً بسبب مخاوف بشأن صحة الكبد.
  • الحبيبات المزروعة (Pellets): تُزرع تحت الجلد وتُطلق التستوستيرون تدريجياً لعدة أشهر.

يُمكن أن يُحسن TRT من الأعراض بشكل كبير، مثل زيادة الرغبة الجنسية، تحسين وظيفة الانتصاب، زيادة الطاقة والمزاج، وزيادة كتلة العضلات وكثافة العظام. ومع ذلك، تُوجد مخاطر محتملة، مثل زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا (على الرغم من أن الأدلة غير حاسمة)، انقطاع النفس النومي، وزيادة خلايا الدم الحمراء، مما يتطلب مراقبة طبية منتظمة[5].

بالإضافة إلى TRT، تُشمل العلاجات غير الدوائية تعديل نمط الحياة، مثل فقدان الوزن، ممارسة الرياضة بانتظام، والنظام الغذائي الصحي، والتي يُمكن أن تُساهم في تحسين مستويات التستوستيرون بشكل طبيعي.

اضطرابات التستوستيرون: ارتفاع التستوستيرون

على الرغم من أن نقص التستوستيرون أكثر شيوعاً، إلا أن ارتفاع مستوياته يُمكن أن يُسبب أيضاً مشاكل صحية. غالباً ما يكون ارتفاع التستوستيرون بسبب تناول مكملات التستوستيرون أو المنشطات الابتنائية بشكل غير قانوني، ولكن يُمكن أن يكون أيضاً نتيجة لحالات طبية نادرة[6].

أسباب ارتفاع التستوستيرون:

  • استخدام المنشطات الابتنائية (Anabolic Steroid Abuse): السبب الأكثر شيوعاً.
  • أورام الغدة الكظرية أو الخصيتين (نادرة).
  • مقاومة الأنسولين ومتلازمة تكيس المبايض لدى النساء: (لا ينطبق بشكل مباشر على الرجال ولكنه يُسبب ارتفاع الاندروجينات).

أعراض ارتفاع التستوستيرون (لدى الرجال):

  • حب الشباب الشديد.
  • تساقط الشعر (صلع ذكوري النمط).
  • زيادة العدوانية والتهيج.
  • تضخم البروستاتا.
  • ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب والأوعية الدموية.
  • انخفاض عدد الحيوانات المنوية وضمور الخصية (بسبب تثبيط إنتاج التستوستيرون الطبيعي).

علاج ارتفاع التستوستيرون:

يعتمد العلاج على السبب. إذا كان بسبب استخدام المنشطات، فإن وقف الاستخدام هو الخطوة الأولى. إذا كان بسبب ورم، فقد يتطلب ذلك العلاج الجراحي أو الدوائي.

مراقبة مستويات التستوستيرون والحفاظ على صحة هرمونية متوازنة

يُعد الحفاظ على مستويات تستوستيرون متوازنة أمراً بالغ الأهمية للصحة العامة والرفاهية لدى الرجال. تتطلب هذه العملية نهجاً شخصياً يُراعي العمر، نمط الحياة، والحالات الصحية الأخرى. لا يُنصح بالعلاج ببدائل التستوستيرون إلا في حالات نقص التستوستيرون المؤكدة سريرياً ومخبرياً، وتحت إشراف طبي دقيق.

تُشمل نصائح الحفاظ على صحة هرمونية جيدة:

  • نمط حياة صحي: نظام غذائي متوازن، ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي.
  • النوم الكافي: يُؤثر الحرمان من النوم سلباً على إنتاج التستوستيرون.
  • إدارة التوتر: يُمكن أن يُؤدي التوتر المزمن إلى ارتفاع الكورتيزول، مما يُؤثر على مستويات التستوستيرون.
  • تجنب الإفراط في الكحول: يُمكن أن يُقلل الكحول من إنتاج التستوستيرون.

الخلاصة

التستوستيرون ليس مجرد هرمون يُحدد الخصائص الذكرية، بل هو عامل حيوي يُؤثر على صحة الرجل الشاملة، من كتلة العضلات وصحة العظام إلى المزاج والطاقة والصحة الجنسية. تُشكل اضطرابات التستوستيرون، خاصة نقصانه، تحدياً صحياً شائعاً يُمكن أن يُؤثر بشكل كبير على جودة حياة الرجال. يُعد التشخيص الدقيق والعلاج المُناسب، سواء كان ذلك من خلال العلاج ببدائل التستوستيرون أو تعديلات نمط الحياة، أمراً بالغ الأهمية لإدارة هذه الاضطرابات. يُسهم الفهم الواسع لتأثيرات التستوستيرون الصحية والاضطرابات المرتبطة به في تمكين الرجال من البحث عن الرعاية المناسبة، والحفاظ على مستويات هرمونية متوازنة، والعيش حياة صحية ونشطة.

الأسئلة الشائعة (FAQ)

ما هو المعدل الطبيعي للتستوستيرون لدى الرجال؟

يختلف المعدل الطبيعي قليلاً بين المختبرات والأعمار، ولكنه يتراوح عادةً بين 300 و 1000 نانوغرام/ديسيلتر (ng/dL).

هل انخفاض التستوستيرون أمر طبيعي مع التقدم في العمر؟

تُسجل مستويات التستوستيرون انخفاضاً تدريجياً مع التقدم في العمر، لكن الأعراض الشديدة أو الانخفاض الحاد لا تُعتبر طبيعية وتتطلب تقييماً طبياً.

ما هي الآثار الجانبية المحتملة للعلاج ببدائل التستوستيرون؟

قد تُشمل زيادة خلايا الدم الحمراء، تضخم البروستاتا، انقطاع النفس النومي، حب الشباب، وتقلبات المزاج. تتطلب مراقبة طبية.

هل يُمكن رفع مستويات التستوستيرون بشكل طبيعي؟

نعم، يُمكن لنمط الحياة الصحي (فقدان الوزن، التمارين، النوم الكافي، تقليل التوتر) أن يُساهم في تحسين مستوياته.

هل ارتفاع التستوستيرون خطير؟

نعم، ارتفاعه يمكن أن يُسبب مشاكل صحية مثل حب الشباب الشديد، الصلع، العدوانية، ومشاكل في القلب والأوعية الدموية، خاصة إذا كان ناتجاً عن استخدام المنشطات.

المراجع

  1.  Bhasin, S., et al. (2018). Testosterone Therapy in Men With Hypogonadism: An Endocrine Society Clinical Practice Guideline. Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism, 103(5), 1772-1804.
  2.  Feldman, H. A., et al. (1994). Age trends in the level of serum testosterone and other hormones in middle-aged men: longitudinal results from the Massachusetts Male Aging Study. Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism, 79(3), 784-789.
  3.  Khera, M., et al. (2016). A Systematic Review of the Association Between Testosterone Levels and All-Cause Mortality in Men. European Urology, 70(4), 675-685.
  4.  Harman, S. M., et al. (2001). Longitudinal effects of aging on serum total and free testosterone levels in healthy men. Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism, 86(2), 724-731.
  5.  Traish, A. M., et al. (2011). Testosterone deficiency and risk of cardiovascular disease: a review. Diabetes, Obesity and Metabolism, 13(8), 687-703.
  6.  Liverman, C. T., & Blazer, D. G. (Eds.). (2007). Testosterone and Aging: Clinical Research Directions. The National Academies Press.

COMMENTS

Loaded All Posts Not found any posts VIEW ALL Readmore Reply Cancel reply Delete By Home PAGES POSTS View All RECOMMENDED FOR YOU LABEL ARCHIVE SEARCH ALL POSTS Not found any post match with your request Back Home Sunday Monday Tuesday Wednesday Thursday Friday Saturday Sun Mon Tue Wed Thu Fri Sat January February March April May June July August September October November December Jan Feb Mar Apr May Jun Jul Aug Sep Oct Nov Dec just now 1 minute ago $$1$$ minutes ago 1 hour ago $$1$$ hours ago Yesterday $$1$$ days ago $$1$$ weeks ago more than 5 weeks ago Followers Follow THIS PREMIUM CONTENT IS LOCKED STEP 1: Share to a social network STEP 2: Click the link on your social network Copy All Code Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy Table of Content