الوطن
الوطن هو المكان الذي ولدت فيه، وعشت في
كنفه، وكبرت وترعرعت على أرضه وتحت سمائه، وأكلت من خيراته وشربت من مياهه، وتنفّست
هواءه، واحتميت في أحضانه، فالوطن هو الأمّ التي ترعانا ونرعاها. والوطن هو الأسرة
التي ننعم بدفئها، فلا معنى للأسرة دون الوطن. والوطن هو الأمن، والسّكينة، والحريّة،
وهو الانتماء، والوفاء، والتّضحية، والفداء. والوطن هو أقرب الأماكن إلى قلبي ففيه
أهلي، وأصدقائي. وحبّي لوطني يدفعني إلى الجدّ والاجتهاد، والحرص على طلب العلم، والسّعي
لأجله، لكي أصبح يوماً ما شابّاً نافعاً، أخدم وطني، وأنفعه، وأردّ إليه بعض أفضاله
عليّ، وقد قال الشّاعر في حبّ الوطن: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد
نفسي. إنّ الوطن هو أغلى شيء في حياتنا، لذا يجب علينا أن نحميه وندافع عنه ضدّ الأخطار
والأعداء، ونكون دائماً على أتمّ استعداد للتضحية من أجله، وأن نفديه بأرواحنا ودمائنا
في أي وقت، وقد قال الشّاعر: بدم الأحرار سأرويه وبماضي العزم سأبنيه وأشيّده وطناً
نضراً وأقدّمه لابني حرّاً فيصون حماه ويفديه بعزيمة ليث هجّام. ومن واجب الدّولة الاهتمام
بالشّباب، والاهتمام بتعليمهم، وبصحّتهم، فالشّباب الأصحّاء، الأقوياء، الواعدون، هم
من يبنون الوطن. وقد قال الشّاعر عنهم: يا شباب العالم في الوادي الأمين أشرق الصّبح
فهزّوا النّائمين. كما يجب على كلّ أب وأم أن يغرسا حبّ الوطن في أبنائهم منذ الصّغر،
وأن يحثّوهم على التّعلم، ويحرصوا على أن يكون أبناؤهم أقوياء وأصحّاء، كي ينفعوا وطنهم،
فهم أمل الوطن. حبّ الوطن، والالتصاق به، والإحساس بالانتماء إليه، هو شعور فطريّ غريزيّ،
يعمّ الكائنات الحيّة، ويستوي فيه الإنسان والحيوان، فكما أنّ الإنسان يحبّ وطنه، ويألف
العيش فيه، ويحنّ إليه متى بعد عنه. ولأنّ حبّ الإنسان لوطنه فطرة مزروعة فيه، فإنّه
ليس من الضّروري أن يكون الوطن جنّةً مفعمةً بالجمال الطبيعيّ، تتشابك فيها الأشجار،
وتمتدّ على أرضها المساحات الخضراء، وتتفجّر في جنباتها ينابيع الماء، لكي يحبّه أبناؤه
ويتشبّثوا به، فقد يكون الوطن جافّاً، أرضه جرداء، ومناخه قاسٍ، لكنّ الوطن رغم كلّ
هذا، يظلّ في عيون أبنائه حبيباً، وعزيزاً، وغالياً، مهما قسا ومهما ساء. ولكن هل الوطن
يعرف حقيقة حبّ أبنائه له؟ هل الوطن يعرف حقاً أنّه حبيب، وعزيز، وغالٍ على أهله؟ إنّ
الحبّ لأيّ أحد أو أيّ شيء لا يكفي فيه أن يكون مكنوناً داخل الصّدر، ولابدّ من الإفصاح
عنه، ليس بالعبارات وحدها وإنّما بالفعل، وذلك كي يعرف المحبوب مكانته ومقدار الحبّ
المكنون له. والوطن لا يختلف في هذا، فهو يحتاج إلى سلوك عمليّ من أبنائه، يبرهن به
الأبناء على حبّهم له، وتشبّثهم به. وإذا كان حبّ الوطن فطرةً، فإنّ التّعبير عنه اكتساب،
وتعلّم، ومهارة، فهل قدّمنا لأطفالنا من المعارف ما ينمّي لديهم القدرة على الإفصاح
عمليّاً عن حبهّم لوطنهم؟ هل علّمناهم أنّ حبّ الوطن يقتضي ان يُبادروا إلى تقديم مصلحته
على مصالحهم الخاصّة؟ فلا يتردّدوا في التّبرع بشيء من مالهم من أجل مشروع يخدم مصلحته،
أو أن يسهموا بشيء من وقتهم، او جهدهم، من أجل إنجاز مشروع ينتفع به، هل علّمناهم أنّ
حبّ الوطن يعني إجبار النّفس على الالتزام بأنظمته، حتّى وإن سنحت فرص للإفلات منها،
والالتزام بالمحافظة على بيئته ومنشآته العامّة، حتّى وإن رافق ذلك مشقّة؟ هل دربّناهم
على لأن يكونوا دائماً على وفاق فيما بينهم، حتّى وإن لم يعجبهم ذلك، من أجل حماية
الوطن من أن يصيبه أذى الشّقاق والفرقة؟ إنّها تساؤلات إجابتها الصّادقة هي معيار أمين
على مقدار ما نكنّه من حبّ الوطن.
حبّ الوطن والحفاظ عليه حبّ الوطن هو أهمّ
شيء فى الوجود، لابدّ أن نغرسه فى أطفالنا من الصّغر، نعلّمهم كيف يحبّوه، ويضحّوا
من أجله. والوطن هو الأرض التي نبت فيها الإنسان وترعرع، والسّماء التي أظلّته، والهواء
الذي يتنفّسه، والماء الذي يشربه، والخير الذي يأكل منه. وقد تغنّى الشّعراء بحبّ الوطن،
فقال أحد الشّعراء: وطنى نشأت بأرضه ودرجت تحت سمائه ومنحت صدري قـوةً بنسيمه وهوائه
ماء الحياة شربته لمّا ارتويت بمائه وملأت جسمى عزة حين اغتذى بغذائه ولذلك يجب أن
نحافظ على وطننا بالدّفاع عنه وقت الخطر، وحمايته من كيد الأعادي، وفي وقت السّلم نعمل
مخلصين لرفع علم بلادنا عالياً، وفي الحرب نهبّ للدّفاع عن الوطن ونقدّم أرواحنا فداءً
له. قال أمير الشّعراء أحمد شوقي: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه فى الخلد نفسي.