السمنة
تُعَرَّف السمنة
بأنها تلك الحالة الطبية التي تتراكم فيها الدهون الزائدة بالجسم إلى درجةٍ تتسبب معها
في وقوع آثارٍ سلبيةٍ على الصحة، مؤديةً بذلك إلى انخفاض متوسط عمر الفرد المأمول و/أو
إلى وقوع مشاكل صحيةٍ متزايدةٍ. يحدد مؤشر
كتلة الجسم، وهو مقياس يقابل الوزن بالطول، الأفراد الذين يعانون فرط الوزن (مرحلة
ما قبل السمنة) بأنهم الأفراد الذين يكون مؤشر كتلة جسمهم بين 25 كجم/م2و30 كجم/م2،
ويحدد الأفراد الذين يعانون السمنة بأنهم أصحاب مؤشر كتلة الجسم الأكثر من 30 كجم/م2.
هذا وتزيد السمنة
من احتمالية الإصابة بالعديد من الأمراض المصاحبة للسمنة، وخاصةً أمراض القلب، وسكري
النمط الثاني، وصعوبات التنفس أثناء النوم، وأنواع معينة من السرطان، والفصال العظمي.
وعادةً ما تنتج السمنة من مزيج من سعراتٍ حراريةٍ
زائدةٍ، مع قلةٍ في النشاط البدني والتأثيرات الجينية. ذلك على الرغم من أن القليل
من الحالات تحدث في المقام الأول بسبب الجينات، واضطرابات الغدد الصماء، والأدوية،
والأمراض النفسية. ويجب ملاحظة أن الدلائل على أن الأفراد الذين يعانون السمنة يأكلون
قليلاً لكنهم يزيدون في الوزن بسبب بطء عمليات الأيض قليلةٌ؛ في المتوسط فإن فقدان
الطاقة لدى الذين يعانون السمنة أكبر من نظرائهم الذين لا يعانونها بسبب الحاجة للطاقة
من أجل الحفاظ على كتلة جسم متزايدة.
ويتمثل العلاج الأول للسمنة في اتباع حميةٍ غذائيةٍ
وممارسة التمارين الرياضية. ولتدعيم مثل تلك الأنشطة، أو في حالة خيبة عن هذا العلاج،
فربما يكون من الممكن تعاطي أدوية التخسيس لتقليل الشهية أو لمنع امتصاص الدهون. إلا
أنه في الحالات المتقدمة، يتم إجراء جراحةٍ أو يتم وضع بالون داخل المعدة للتقليل من
حجمها و/أو تقليل طول الأمعاء، مما يؤدي إلى شبع مبكر وخفض القدرة على امتصاص المواد
الغذائية من الطعام.
تعد السمنة سبباً
رئيسياً للموت يمكن الوقاية منه على مستوى العالم أجمع، وهي تشهد شيوعاً أو انتشاراً
متزايداً بين فئات الراشدين والأطفال، وتعتبر السلطات السمنة واحدةً من أكثر مشكلات
الصحة العامة في القرن الحادي والعشرين خطورة.[8] ويُنظر إلى السمنة على أنها وصمةٌ
في العالم الحديث (خاصةً العالم الغربي)، على الرغم من أنها كانت يُنظر إليها -وعلى
نطاقٍ واسعٍ - على أنها رمز الثروة والخصوبة في عصور أخرى عبر التاريخ، وهو رأي ما
زال سائداً في بعض أنحاء العالم
برامج إنقاص الوزن
غالباً ما تعزز
برامج إنقاص الوزن من إحداث تغييراتٍ في نمط الحياة وتعديل النظام الغذائي. قد تشتمل
مثل تلك التغيرات على تناول وجباتٍ أصغرٍ، والامتناع عن أنواعٍ معينةٍ من الطعام، بالإضافة
إلى القيام بمجهودٍ مقصودٍ من أجل ممارسة المزيد من التمارين الرياضية. هذا وتُمَكِن
هذه البرامج الآخرين من أن يتواصلوا مع مجموعةٍ من الأفراد الذين يحاولون إنقاص أوزانهم
كذلك، أملاً في أن يُشَجِع هذا المشاركين في المجموعة على إقامة علاقاتٍ متبادلةٍ مع
بعضهم البعض.
وهناك مجموعة من
البرامج الشائعة، منها "ويت واتشرز" (بالإنجليزية: Weight
Watchers)، "أوفرإييترز أنونيماس" (بالإنجليزية:
Overeaters Anonymous)، و"جيني كريج". حيث يبدو أن هذه البرامج
توفر إنقاصاً للوزن بدرجةٍ معتدلةٍ نحو (2.9 كيلو جرام أو ما يعادل 6.4 أرطال) أكثر
من حميةٍ غذائيةٍ يتبعها المرء باعتماده على نفسه (0.2 كيلوجرام أي نحو 0.4 أرطال)
على مدار فترةٍ زمنيةٍ قوامها عامان.
ويبدو أن البرامج القائمة على شبكة الإنترنت غير
فعالة.[144] حيث قدمت الحكومة الصينية عدداً من "مزارع الدهون" والتي تيقصدها
الأطفال الذين يعانون من السمنة بهدف دعم وتشجيع ممارسة التمارين ، كما تم تمرير قانونٍ
يطالب هؤلاء الطلاب أن يمارسوا تلك التمارين لمدة ساعةٍ واحدةٍ يومياً في المدارس.
العلاج الدوائي
أشهر دوائين يستخدمان
في علاج السمنة: أورليستات (Xenical) وسيبوترامين
(Meridia).
دواءان فقط من
أدوية السمنة تم اعتمادهما حالياً من قِبَل إدارة الأغذية والأدوية بغرض الاستخدام
طويل المدى.
أحدهما هو أورليستات
(Xenical)، والذي يُخَّفِض من امتصاص الأمعاء للدهون من
خلال منع الليبيز البنكرياسي، والآخر هو سيبوترامين (Meridia)
والذي يعمل في المخ لمنع تثبيط نورإبينفرين الناقلات العصبية: السيروتوينين، والدوبامين
(والشبيه جداً ببعض مضادات الاكتئاب)، مما يقلل من شهية المرء تجاه تناول الطعام. والدواء
الثالث هو ريمونابانت (Acomplia)، والذي يعمل
من خلال تقييدٍ خاصٍ لعمل نظام القنب الداخلي. والذي تم تطويره من خلال المعرفة الخاصة
بأن مدخني الحشيش غالباً ما يشعرون بالجوع، والتي غالباً ما يُشار إلى تلك الظاهرة
باسم "المأكولات الخفيفة"، حيث تم اعتماده في "الدواء الثالث"
في أوروبا كعلاجٍ للسمنة، إلا أنه لم يتلق قبولاً بالولايات المتحدة الأمريكية أو كندا،
وذلك لدواعي السلامة والآمان.
وقد أوصت وكالة الأدوية الأوروبية في شهر أكتوبر
من عام 2008 بإيقاف بيع ريمونابانت، حيث يبدو أن مخاطره أكبر من نفعه.
إلا أنه من الملاحظ
أن إنقاص الوزن مع استخدام تلك الأدوية له أثر بسيط متواضع. فعلى المدى البعيد، فإن
متوسط نقص الوزن باستخدام أورليستات يصل إلى 2.9 كيلوجرام (6.4 أرطال) فقط، ومتوسط
إنقاص الوزن مع تناول السيبوترامين يصل إلى 4.2 كيلوجرام (9.3 أرطال)، في حين يصل متوسط
إنقاص الوزن مع تناول الريمونابانت إلى 4.7 كيلوجرام (10.4 أرطال). إلا أن تناول كلٍ
من الأورليستات والريمونابانت يؤدي إلى تقليل احتمالية حدوث مرض السكري، وللأدوية الثلاثة
جميعها تأثيراً على الكوليسترول. على الرغم من ذلك، فلا تتوفر سوى معلوماتٍ قليلةٍ
عن الكيفية التي تؤثر بها هذه الأدوية على المضاعفات بعيدة المدى والآثار التي تخلفها
السمنة.
في عام 2010 أشارت إدارة الأغذية والأدوية إلى أن
السيبوترامين يزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية عند الأفراد
الذين يعانون من أمراضٍ قلبيةٍ.
في الوقت ذاته
يتواجد عددٌ من الأدوية الأقل شيوعاً. تمت الموافقة علي بعضها فقط بغرض الاستخدام على
المدى القصير، والبعض الآخر يستخدم بدون تسمية، في حين ما زال هناك أدويةٍ أخرى تُستخدم
بصورةٍ غير قانونيةٍ. وأغلب هذه الأدوية هي مثبطات للشهية، والتي تعمل على واحدةٍ أو
أكثر من الناقلات العصبية.
هذا وقد تمت الموافقة على عقارات فينديمترازين (بونتريل)،
ديثيلبروبين (تنيوايت) وفينترماين (أديبكس-بي) من قِبَل إدارة الأغذية والأدوية بغرض
الاستخدام قصير المدى، بينما تستخدم أحياناً عقاقير بوبروبيون (ويلباترين) وتوبيرامات
(توباماكس) وزونيساميد (زونجران) استخداماً غير مقننٍ بدون وصفةٍ طبيةٍ. في حين أثبت
اللبتين البشري المصنع أنه فعالٌ للغاية مع المصابين بالسمنة بسبب وجود نقصٍ كاملٍ
في اللبتين لديهم لأسباب خِلقية من خلال تخفيض اللبتين للطاقة المولدة واحتمالية زيادة
استهلاك الطاقة.
إلا أن مثل تلك
الحالة نادرةٌ وهذا العلاج ليس فعالٍ في إنقاص الوزن عند أغلب الأفراد المصابين بالسمنة.
ويتم حالياً البحث عما إذا كانت هذه الطريقة تساعد في الحفاظ على الوزن بعد إنقاصه
أم لا.
وتعتمد الفائدة
التي تعود من تناول أدويةٍ معينةٍ على الظروف الحادثة. فيفضل إعطاء ميتفورمين (جلوكوفيج)
لمرضى السكري زائدي الوزن، لأنه سيؤدي إلى إنقاص الوزن بصورة معتدلة مقارنة بالسلفونيليوريا
أو الإنسولين.
إلا أنه ومن ناحيةٍ أخرى، فقد تتسبب مركبات الثايازوليندايون
في زيادة الوزن مرةً أخرى، ولكنها تقلل من السمنة المركزية.
كما يسفر تعاطي مرضى السكر لعقاقير فلوكستين (بروزاك)،
أورليستات، وسيبوترامين، لمدة تتراوح من 12 إلى 57 أسبوعاً عن خسارةٍ معتدلةٍ في الوزن
كذلك. هذا وتشير الدلائل الأولية إلى وجود معاناة المرضى الذين يتعاطون سيبوترامين
لعددٍ أكبر من المشكلات القلبية، مقارنةً بهؤلاء الذين لم يتعاطوه (11.4% مقابل
10%).[157] كما تبقى الفوائد الصحية طويلة المدى لهذه الأدوية غير واضحة.
تم سحب فينفلورامين
وديكسفينفلورامين من الأسواق في عام 1997،
بينما تم إلغاء إفيدرين (الذي وجد في العلاج العشبي
الصيني الشعبي الماهوانج والمصنوع من إفيدرا سينيكا) من الأسواق في عام 2004.
كما لم يتم الموافقة على مركبات ديكسافيتامين بواسطة
إدارة الأغذية والأدوية لعلاج السمنة
بسبب مخاوفٍ من الإدمان عليها.
حيث لا يوصى باستخدام هذه الأدوية جميعها بسبب الأعراض
الجانبية الخطيرة لها.
مع هذا، يستخدم
الناس من حينٍ لآخرٍ هذه الأدوية بصورةٍ غير قانونيةٍ.