أنماط العنف
" العنف اللفظي – العنف البدني – العنف ضد الممتلكات العامة "
العنف اللفظي
يعرف العنف اللفظي بأنه الكلمات والألفاظ المسيئة التي تحمل عبارات السخرية والاستهزاء والإهانة، من قبل الوالدين أو من قبل المحيط الاجتماعي والأفراد المحيطين بالشخص،وكذلك الازدراء والتخويف والسب وانتقاد الطفل باستمرار والتقليل من شأنه والاستخفاف به، فأي نوع من الكلام يسبب ألما للطفل، يدرج تحت وصف العنف اللفظي.
وأكدت الدراسات والأبحاث مدى التأثير السلبي المدمر للعنف اللفظي على الأطفال، ومنها دراسة أعدتها جامعة فلوريدا في الولايات المتحدة، والتي وجدت أن العنف اللفظي يترك آثارا وأضرارا نفسية أكبر من الأضرار الناجمة عن العنف الجسدي، حيث أن الأشخاص الذين تعرضوا لأي نوع من أنواع الإهانة أوالسخرية خلال مرحلة طفولتهم يصابون بالاكتئاب والأمراض النفسية بنحو ضعفي أولئك الذين لم يتعرضوا له.
هذا وذهبت الأبحاث الحديثة أبعد من ذلك، فقد بينت أن العنف اللفظي يترك آثارا أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا، فهو يؤدي إلى ضرر دائم في تركيب ونمو وتطور الدماغ البشري، فالعقل البشري يختلف عن غيره في أنه يتكون وينمو ويتطور بعد الولادة، أما تكوين الشخصية والقدرات الإدراكية والمهارات، فإنها تأخذ عقودا للتطور، وهذا التطور والنمو وتشكيل العقل تختلف من شخص لآخر باختلاف البيئة المحيطة وطريقة التربية، والتجارب التي يمر بها العقل أثناء مرحلة الطفولة، وعندما تكون البيئة عدوانية وغير صحية يتأخر نمو الدماغ ويتعطل، حيث أكد باحثون من جامعة هارفارد الأميركية، أن العنف اللفظي والنفسي يؤدي إلى أضرار دائمة في طريقة تكوين الدماغ تبقى مدى الحياة.
إن العنف اللفظي له تأثير مباشر على قدرات الدماغ وطريقة عمله، حيث وجدت الدراسات أن دماغ الأشخاص الذين عانوا من عنف لفظي يحتوي على نسبة أقل من المادة الرمادية، التي يعتقد أن لها علاقة وطيدة بمستوى الذكاء والقدرة على التحليل والتفكير المعقد، بل قد يحدث تخلفا في تطور الاتصال بين الفصين الأيمن والأيسر من الدماغ عند الأشخاص الذين عانوا من الإساءة والإهانة والسب، ما يجعل أولئك الأشخاص الذين تعرضوا لأذى لفظي، يعانون من التوتر والاكتئاب والغضب والعداء والإدمان في مرحلة مبكرة من أعمارهم.
كما أن آثار العنف اللفظي أشد وأكبر بكثير من الألم الذي يحدث نتيجة العنف الجسدي، فآثاره السلبية على الطفل كثيرة ومتعددة، منها تدني مستوى احترام الذات، وعدم الثقة بالنفس، وتعطيل الطاقات الإبداعية، والتأثير على نمو الطفل بشكل عام جسمانيا وعقليا ونفسيا واجتماعيا وأكاديميا، أما على المدى البعيد فتزداد نسبة الإصابة بالاكتئاب والانطوائية والانعزالية أو تصعيد روح العدوانية والقلق والأرق والخوف، وغيرها من الاضطرابات النفسية، كذلك زيادة نسبة الإصابة بأنواع الإدمان المختلفة، وإلحاق الأذى بالنفس وتبخيس الذات.
العنف اللفظي يؤدي إلى الخوف، إلا أن أولئك الأشخاص قد ينكرون هذا القلق والشعور بالرغبة في الهروب والابتعاد عن الشخص الذي يقوم بالاعتداء، وعندما يتلقى الضحية صورة من صور الاهتمام أو الحب من الشخص المعتدي، فإنه يعلم أن هذا الحب مؤقت، وأنه سرعان ما سينقلب إلى حالات الاعتداء قريبا، ولذلك يعيش هذا الشخص في حالة تأهب وترقب مستمرين، ما يجعله لا يثق في ابتسامة أشخاص يحبهم خوفا من حالة الاعتداء القادمة لا محالة، مؤكدة أنه في حالة اجتماع العنف اللفظي مع العنف النفسي مع العنف الجسدي، فإن التبعات السلبية على الطفل تكون مضاعفة وأشد ضررا بالطفل ومستقبله.
إن جميع الأطفال بحاجة للشعور بالحب والقبول والرعاية والاستقرار، حيث يجب على الأسرة مراقبة الطفل جيدا ليعرفوا السمات الإيجابية، وإذا قام الطفل بعمل إيجابي يجب الثناء عليه، فالطفل يحتاج إلى التشجيع والاستقرار والاهتمام والقبول والحب غير المشروط ليشعر بالأمان والطمأنينة وسط الأسرة، ما يجعله ينشأ فردا سليما إيجابيا ونافعا للمجتمع.
مدى تأثير العنف اللفظي على الشخصية، يختلف بطبيعة تلك الشخصية ذاتها، كونها شخصية قوية تستطيع تحويل تلك السلبيات إلى إيجابيات ودافع للنجاح، أو شخصية ضعيفة هشة سهلة العطب
لذا يجب ضرورة تجنب توجيه كلمات قاسية للطفل، وتعزيز السلوك الحسن فيه، لم لذلك من انعكاس على نموه السليم وعلى شخصيته، محذرة من الوقوع في الخطأ، بإنتاج أجيال غير صالحة في المجتمع، موضحة أن أشكال العنف اللفظي تتنوع بين الألفاظ والكلمات التي يستخدمها الوالدان، وتشمل إطلاق أسماء أو صفات على الطفل أو استخدام لغة سوقية، أيضا السخرية منه والتهكم عليه مما يحط من اعتداده بذاته، إضافة إلى انتقاده المستمر، والتهديد بترك الطفل وإشعاره بأن الأسرة لا تريده، كذلك التخويف بالضرر الجسدي كتهديد الطفل بضربه، ما يزيد مخاوفه، وإلقاء اللوم البالغ عليه، حيث أن لومه الدائم يمنحه الشعور بأنه شخص سيء يفعل الخطأ باستمرار.
ومما لا شك فيه أن آثار العنف اللفظي على الأطفال بالغة جدا، لأن الطفل في محاولته التغلب على الشعور بأنه غير مرغوب فيه، يحاول أن يتكيف مع آثار السباب من محيطه القريب، مشيرة إلى أنه من آثار ذاك العنف على الطفل، تدني مستوى الاعتداد بالذات أو عدم الثقة بالنفس، واكتساب تدمير الذات والسلوك المعادي، وقد يظهر ذلك كرد فعل لدى بعض الأطفال من خلال إظهار سلوك عدواني بضرب الأطفال الآخرين، كما أن سوء المعاملة المستمر قد يؤثر على نمو الطفل جسمانيا واجتماعيا وعاطفيا، وقد يبدأ الطفل بإظهار علامات الاضطراب العاطفي مثل التبول اللاإرادي أو الفشل الدراسي.
العنف البدني
أكدت دراسات اجتماعية ونفسية أن العنف البدني وخصوصا ضد الأطفال أصبح ظاهرة تستدعي البحث والكشف عنها ودراسة أسبابها
والعنف بحسب المختصين، سلسلة من العقوبات الجسدية او المعنوية تؤدي إلى أضرار نفسية صحية، وهذا ما جعلنا نتوقف عنده بعد ان تحول من حالات فردية الى مستوى الظاهرة.
إن مشكلة العنف البدني أسريا واجتماعيا ظاهرة بدأت تسود مجتمعاتنا العربية بشكل كبير ومن المعروف أن العنف خاصة الجسدي منه له اثر سلبي واضح على صحة الطفل العقلية والنفسية أو الآخرين وخاصة إذا كان ممن تعرض للعنف من المراهقين فأن اغلب الحالات التي حدثت في هكذا أعمار مثل الانتحار أو الهروب من المنزل دون عودة والبعض الآخر منهم من اكتسب السلوك العدواني في إيذاء الآخرين.
كما أن للعنف آثاراً أخرى كالهلوسة وفقدان النطق الإرادي وتلف القدرات العقلية، علماً ان معالجة هكذا حالات تحتاج الى وقت طويل جداً وهناك احتمال ان المعالجات النفسية قد لا تجدي نفعاً في العلاج.
انه من الضروري على ان يهتم اولياء الامور بتربية أبنائهم وتقوية دعائم الثقة بالنفس وسط جو خال من التعكّر والغضب وانهم كلما كبروا احتاجوا الى مزيد من الرعاية والاهتمام والاستقرار النفسي والعاطفي وهذا تمام الصحة النفسية والعقلية.
ان الدين الاسلامي هو دين محبة وتسامح ورحمة ومن الواقع والبديهي ان الاسرة التي تتمتع بالدين والايمان وتقوم على أساس ودعائم صحيحة فإنها بكل تأكيد لا تميل الى استعمال أي اسلوب من اساليب العنف بل العكس انما تكون ملؤها الهدوء والتفاهم والتلاؤم وان انجاح أية عملية تربوية داخل الاسرة تكون باستعمال اسلوب التوجيه والمراقبة والسياسة والليونة.
لذا يجب ضرورة أن يكون الأبوان قريبين من أولادهم وان يكونوا أصدقاء لهم لا أعداء، وان لا يقوموا بمعاقبتهم على أدنى سبب وقد أوصى الدين الإسلامي بعدم ضرب الطفل بصورة تترك أثرا على جسده والاكتفاء بالتأديب والعقوبات الحقيقية لأجل التربية أو التأديب.
لذا انه يبقى التحلي بالصبر وضبط النفس عاملا مهما وحيويا في اتباع أسلوب التربية الصحيح ومن يزرع يحصد وان المحبة والتراحم أفضل ما تقدمه الأسرة لأبنائها وان الرحمة أساس الفرحة والسرور، قال تعالى سورة الأعراف (57) (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا).
مع غاية في الأسف يعتمد الكثير من الآباء والأمهات على استعمال أسلوب العقاب المبرح بدلاً من استعمال الأسلوب الكلامي، وان سبب ذلك هو ما يتعرض له أولياء الأمور من ضغوطات العمل او ضعف الحالة المادية للأسرة .
ان العنف البدني اسريا واجتماعيا ضد الطفل وأفراد المجتمع يؤثر بشكل تام ومباشر على مدى استيعاب الفرد وتطور قدراته العقلية وان هناك بعض الحالات التي قد وجدتها اثناء وجودي في احدى المدارس الابتدائية ان هناك اطفالاً تعرضوا للعنف من أهاليهم اصبحوا يعيشون حالة من الانطواء والكآبة واستعمال العنف ضد الآخرين.
انه من الجدير بالذكر تجديد الدعوة الى عدم ترك هذا الامر ومعالجته من خلال رصد المشكلة واعطائها الحجم الذي تستحقه ايضاً، داعية الى إنشاء مراكز لرعاية الاطفال المعنفين لتخفيف آلامهم وعلاجهم نفسياً كذلك رفع المستوى التوعوي الاسري والتذكير بأهمية حقوق الطفل وطريقة التربية الصحيحة والمناسبة والعمل على استعمال اسلوب الثواب وتعزيز سلوكيات الطفل الصحيحة.
العنف ضد الممتلكات العامة
العنف هو المس المتعمد بجسم الإنسان أو ممتلكاته أو نفسيته , من هنا فان ظاهرة تخريب الممتلكات هي عنف أيضا , ويجب أن ننظر إليها على أنها كذلك .
العنف هو أحد القضايا الساخنة والمطروحة على الساحة العالمية سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي أو الدولي وخطورة مشكلة العنف تكمن في تطورها أو انعكاساتها السليبة على الفرد والمجتمع وقد تتطور هذه المشكلة لتمثل سلوكه إجرامياً يهدد كيان المجتمع أو تتحول إلى حركة إرهابية تزعزع الاستقرار والأمان المجتمعي وأن المشكلات البسيطة للعنف في كافة مجالات المجتمع إذا لم تحتوى وتعالج بصوره سريعة ومهنية سوف تتضخم وتتفاقم وتزداد خطورتها وحدتها، لأن المجتمع يمثل نسق مفتوح يؤثر ويتأثر بباقي الأنساق الآخري ومن هذا المنطلق كان من الضروري مواجهة مشكلات العنف في كافة المجالات والميادين ولعل من اخطر هذه القطاعات هو القطاع التعليمي الذي يخرج أجيال المستقبل والتي بدورها تحمل رأيه القيادة والتنمية والتقدم في ظل العولمة والعالم المفتوح ونظرا ً لازدياد هذه المشكلة بين طلاب التعليم الثانوي وبخاصة طلاب مدارس التعليم الفني وهم يمثلون فئة الشباب في أخطر مراحل حياتهم وهى مرحلة المراهقة.
وأن مشكلة العنف ضد الممتلكات العامة تؤرق القائمون على العملية التربوية التعليمية لما قد تسببه من أضرار مادية ومعنوية للمجتمع المدرسي وانتشرت هذه الظاهرة بشكل ملموس في مدارس التعليم الفني وهناك العديد من مظاهر وأنماط وأشكال السلوك العنيف من اعتداءات متكررة على الممتلكات العامة للمدرسة وتدمير الأثاث والعبث بممتلكات المدارس واتلافة وهذه المظاهر تشكل خطراً على المجتمع المدرسي والمجتمع ككل 0
أن هناك العديد من مظاهر العنف المدرسي والعنف ضد الممتلكات ولكن أخطر هذه المظاهر هو العنف الموجه ضد ممتلكات المدرسة والآخرين والمشكلة الكبرى والخطيرة فى هذا النوع من العنف أنه عنف سهل ولا يجد رد فعل من الضحية وبالتالي يقوم به الأقوياء والضعفاء دون خوف وخطورة المشكلة تكمن في عدم إحساس الطالب بالمشكلة فمن وجهة نظرا الطلاب القائمون بهذه السلوكيات ضد ممتلكات المدرسة أنهم لا يؤذون أحد في شيء وهذه ممتلكات للدولة وليس لأشخاص وهذه المفاهيم تمثل مؤشرا خطير على المستوى السلوك الشخصي والوعي المعرفي والديني والقومي لذا يستوجب على الخدمة الاجتماعية لعب دور مؤثر لتنمية هذه الجوانب للطالب العنيف من خلال التدخل المهنى للحد من هذه المشكلة من منظور شمولي متكامل ومتوازن ويتعامل مع جميع الأنساق المرتبطة بالمشكلة ويعتمد على العديد من النظريات التي تساهم بفاعلية لحل المشكلة وهو منظور الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية وذلك يؤكد على أهمية استخدام هذا الاتجاه فى التعامل مع مشكلة العنف المرتبط بالاعتداء على الممتلكات العامة بالمدارس الثانوية الفنية.
تحاول المصادر المختلفة تقديم عدد من التفسيرات لظاهرة التخريب , ولكننا هنا في هذا الإطار نورد فقط التصنيف الذي وضعه المختص بعلم الإجراء ستانلي كوهين , ومنه نقتبس المركبات الموصلة بموضوع البحث .
التخريبية الذرائعيه – وهي الضرر الذي يعمل من اجل الحصول على المال , مثل اقتحام الدكان , أو كابينة تلفونات , أو تحطيم خزنة محل تجاري .
التخريب للتسلية – مثل تخريب كابينة التلفونات لمجرد المتعة لا غير
التخريب التدميريه – وهي تقوم على تدمير كل ما هو جميل . والكلمة مشتقة من الوندال – قبيلة ألمانية عرف أفرادها بميلهم إلى التخريب .
التخريب للاحتجاج – الضرر الذي يكون نتيجة الغضب والإحباط.
في الولايات المتحدة الأمريكية هناك جدال حول حجم الأضرار . أما من يقللون الحجم فيتحدثون عن 200 مليون دولار سنويا , وأما من يعظمون الأمر فإنهم يتحدثون عن 650 مليون دولار سنويا . أما في بلادنا فتظل الأعداد اصغر بكثير –بالطبع- إلا أن الأضرار ليست اقل خطورة . إلى جانب الخسارة المالية, فهناك خسائر معنوية وأخلاقية : عدم مراعاة مشاعر الغير , أو أملاكه أو الأملاك العامة. من هنا تأتي أهمية تناول هذا الموضوع.