كيف يُشخص الدرن؟ تعرف على اختبارات TST، IGRA، GeneXpert، وزراعة البكتيريا للكشف الدقيق عن السل. فحوصات السل: من الأعراض إلى التشخيص المعملي والتصويري.
يُعد التشخيص الدقيق والمبكر لمرض الدرن (السل) أمراً حاسماً لنجاح العلاج والسيطرة على انتشار المرض. نظراً لتنوع أعراض السل، والتي قد تُشبه أمراضاً أخرى، فإن الاعتماد على الأعراض وحدها لا يكفي لتأكيد الإصابة. يتطلب تشخيص السل مجموعة من الفحوصات الطبية والمخبرية والتصويرية التي تُكمل بعضها البعض لتُوفر صورة شاملة عن حالة المريض. يُقدم هذا المقال دليلاً مفصلاً حول الفحوصات اللازمة لتشخيص السل، وكيفية تفسير نتائجها، وأهمية كل منها في تأكيد الإصابة وتحديد خطة العلاج.
لماذا يُعد التشخيص الدقيق للسل مهماً؟
التشخيص الصحيح للسل يُقدم فوائد متعددة[1]:
- بدء العلاج الفوري: يُمكن من بدء العلاج المناسب بسرعة، مما يُحسن فرص الشفاء ويُقلل من المضاعفات.
- منع الانتشار: تحديد الحالات النشطة والمعدية يُمكن من عزلها وتقليل خطر نقل العدوى للآخرين.
- تحديد نوع السل: يُساعد في التمييز بين السل الخامل والنشط، وبين الأنواع الحساسة والمقاومة للأدوية.
- تجنب التشخيص الخاطئ: يُمكن أن تُقلد أعراض السل أمراضاً أخرى، والتشخيص الدقيق يمنع العلاجات غير الضرورية أو الخاطئة.
الفحوصات الأساسية لتشخيص السل
يتضمن التشخيص سلسلة من الخطوات والفحوصات، والتي تُؤخذ في الاعتبار مع التاريخ الطبي للمريض والفحص السريري:
1. اختبارات الكشف عن التعرض للعدوى (اختبارات السل الكامن):
تُستخدم هذه الاختبارات للكشف عما إذا كان الشخص قد تعرض لبكتيريا السل في أي وقت مضى، مما يُؤدي إلى استجابة مناعية. تُعتبر إيجابيتها مؤشراً على الإصابة بالسل الكامن أو النشط[2]:
- اختبار الجلد للدرن (Tuberculin Skin Test - TST) أو اختبار مانتو:
- كيف يتم: تُحقن كمية صغيرة جداً من مستخلص بروتيني من بكتيريا السل (PPD) تحت الجلد في الساعد.
- تفسير النتائج: يتم قراءة التفاعل بعد 48-72 ساعة. يُقاس قطر التورم الصلب (وليس الاحمرار). يُعتبر حجم معين من التورم (يختلف باختلاف عوامل الخطر للفرد) نتيجة إيجابية، مما يُشير إلى أن الجهاز المناعي قد تعرف على بكتيريا السل سابقاً.
- ملاحظة: قد يُعطي لقاح BCG نتيجة إيجابية كاذبة.
- اختبارات إطلاق إنترفيرون جاما (Interferon-Gamma Release Assays - IGRAs):
- كيف يتم: تُؤخذ عينة دم، وتُفحص في المختبر للكشف عن استجابة خلايا الدم البيضاء لبكتيريا السل.
- تفسير النتائج: تُشير النتيجة الإيجابية إلى التعرض للسل.
- ملاحظة: تُعتبر هذه الاختبارات أكثر تحديداً من TST ولا تتأثر بلقاح BCG السابق. من الأمثلة الشائعة: QuantiFERON-TB Gold Plus (QFT-Plus) و T-SPOT.TB.
في حال كانت نتائج أحد هذه الاختبارات إيجابية، خاصة مع وجود أعراض، يتم الانتقال إلى فحوصات تأكيدية للسل النشط.
2. الفحوصات التأكيدية للسل النشط:
هذه الفحوصات تُستخدم لتحديد ما إذا كانت البكتيريا نشطة وتتكاثر في الجسم:
- تصوير الصدر بالأشعة السينية (Chest X-ray):
- كيف يتم: تُؤخذ صورة شعاعية للصدر للبحث عن تغيرات في الرئتين قد تُشير إلى السل النشط، مثل التكثفات، التجاويف، أو تضخم العقد اللمفاوية.
- تفسير النتائج: قد تُشير النتائج غير الطبيعية إلى السل، لكنها ليست قطعية وتتطلب فحوصات إضافية.
- فحص البلغم (Sputum Smear Microscopy):
- كيف يتم: تُؤخذ عينات من البلغم (المخاط الذي يُسعل من الرئتين)، وتُصبغ بطريقة خاصة (مثل صبغة زيل-نيلسن)، ثم تُفحص تحت المجهر للبحث عن "العصيات المقاومة للحمض" (Acid-Fast Bacilli - AFB)، وهي بكتيريا السل.
- تفسير النتائج: وجود AFB يُشير إلى إصابة محتملة بالسل النشط والمُعدي. يُعد هذا الفحص سريعاً وغير مكلف.
- زراعة بكتيريا السل (Mycobacterial Culture):
- كيف يتم: تُزرع عينات البلغم أو عينات أخرى (مثل البول، السائل النخاعي، أو عينات الأنسجة) في وسط خاص لنمو بكتيريا السل.
- تفسير النتائج: تُعد زراعة البكتيريا هي "المعيار الذهبي" لتأكيد تشخيص السل[3]. يستغرق نمو البكتيريا عادةً من 2 إلى 8 أسابيع، ولكنها تُوفر تشخيصاً قطعياً.
- الاختبارات الجزيئية السريعة (Molecular Tests):
- كيف يتم: تُستخدم تقنيات مثل اختبار GeneXpert MTB/RIF لتحديد وجود الحمض النووي لبكتيريا السل في العينة (غالباً البلغم) خلال ساعات قليلة، وأيضاً للكشف عن مقاومة دواء الريفامبيسين (Rifampicin)، وهو دواء أساسي في علاج السل.
- تفسير النتائج: تُوفر نتائج سريعة وموثوقة حول وجود البكتيريا ومقاومة الأدوية.
- اختبار حساسية الأدوية (Drug Susceptibility Testing - DST):
- كيف يتم: بعد زراعة البكتيريا، تُختبر مدى حساسيتها للأدوية المختلفة المستخدمة في علاج السل.
- تفسير النتائج: تُحدد هذه الاختبارات ما إذا كانت البكتيريا مقاومة لدواء واحد أو أكثر، مما يُساعد في توجيه خطة العلاج واختيار الأدوية الفعالة.
- الفحوصات الخاصة بالدرن خارج الرئة:
- إذا كان يُشتبه في درن خارج الرئة، قد تُؤخذ عينات من العضو المصاب (مثل العقد اللمفاوية، السائل النخاعي، البول، خزعة من الأنسجة)، وتُفحص تحت المجهر وتُزرع، وقد تُستخدم تقنيات التصوير المتقدمة مثل الأشعة المقطعية (CT scan) أو الرنين المغناطيسي (MRI)[4].
تفسير النتائج والخطوات التالية
لا يعتمد تشخيص السل على اختبار واحد فقط، بل على مجموعة متكاملة من الفحوصات والتقييم السريري. على سبيل المثال:
- إذا كانت اختبارات TST أو IGRA إيجابية، فهذا يعني وجود تعرض سابق للبكتيريا، وقد يتطلب الأمر مزيداً من الفحوصات لاستبعاد السل النشط.
- إذا كانت الأشعة السينية تُظهر تغيرات، وكانت هناك أعراض، فسيتم اللجوء إلى فحص البلغم وزراعته والاختبارات الجزيئية.
- في حال تأكيد وجود السل النشط، يتم بدء العلاج الدوائي فوراً، ويُمكن تعديل خطة العلاج بناءً على نتائج اختبار حساسية الأدوية.
الخلاصة
تشخيص السل هو عملية مُتعددة الخطوات تتطلب دقة وتفكيراً سريرياً متأنياً. من اختبارات الكشف عن التعرض للعدوى إلى الفحوصات المعملية والتصويرية المتقدمة لتأكيد المرض وتحديد حساسيته للأدوية، تُشكل هذه الأدوات مجتمعةً الأساس لتشخيص السل بجميع أشكاله. الوعي بأعراض السل، وطلب الرعاية الطبية في الوقت المناسب، والخضوع للفحوصات اللازمة، يُعد أمراً حيوياً لضمان الشفاء التام والحد من انتشار هذا المرض على مستوى العالم.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
ما هو الفرق بين اختبار الجلد للدرن واختبار الدم (IGRA)؟
كلاهما يكشف عن التعرض لبكتيريا السل. اختبار الدم (IGRA) أكثر تحديداً ولا يتأثر بلقاح BCG، بينما اختبار الجلد يتطلب زيارتين وقد يتأثر بلقاح BCG.
لماذا يُعد فحص زراعة البلغم مهماً جداً في تشخيص السل؟
لأنه يُعتبر "المعيار الذهبي" لتأكيد وجود بكتيريا السل الحية ويُمكن استخدامه لإجراء اختبار حساسية الأدوية.
ما هي أهمية اختبار GeneXpert في تشخيص السل؟
يُوفر تشخيصاً سريعاً للسل ومقاومة الريفامبيسين في غضون ساعات قليلة، مما يُسرع من بدء العلاج المناسب.
هل الأشعة السينية للصدر كافية لتشخيص السل؟
لا، الأشعة السينية تُقدم مؤشرات ولكنها ليست قطعية. يجب تأكيد التشخيص بفحوصات معملية مثل فحص البلغم وزراعته.
ماذا يعني إذا كانت نتيجة اختبار حساسية الأدوية تُشير إلى مقاومة؟
يعني أن البكتيريا لا تستجيب لدواء واحد أو أكثر من أدوية السل القياسية، مما يتطلب تغيير خطة العلاج واستخدام أدوية أخرى.
المراجع
- ↩ World Health Organization (WHO). (2024). Tuberculosis (TB) - Diagnosis. Retrieved from [https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/tuberculosis](https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/tuberculosis)
- ↩ Centers for Disease Control and Prevention (CDC). (2024). Testing for TB Disease and Latent TB Infection. Retrieved from [https://www.cdc.gov/tb/topic/testing/default.htm](https://www.cdc.gov/tb/topic/testing/default.htm)
- ↩ American Lung Association. (2024). Diagnosing TB. Retrieved from [https://www.lung.org/lung-health-diseases/lung-disease-lookup/tuberculosis/diagnosing-tb](https://www.lung.org/lung-health-diseases/lung-disease-lookup/tuberculosis/diagnosing-tb)
- ↩ Mayo Clinic. (2024). Tuberculosis (TB) - Diagnosis & treatment. Retrieved from [https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/tuberculosis/diagnosis-treatment/drc-20351257](https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/tuberculosis/diagnosis-treatment/drc-20351257)
COMMENTS