المدرسة ودورها في البناء الفكري السليم |
مما لاشك فيه أن الدور الذي تضطح به المدرسة
دور عظيم يأتى بعد دور الأم و الأب في الترتيب , ولا شك أن المدرسة هي المحرك
الموجه الآخر الذي يضع توجه الشباب وارتقاءهم الفكري ومن هنا فإنه يقع على وزارة
التربية و التعليم دور كبير في التوجيه التربوي و الحد من الظاهرة الموقوتة ,
وما زال الدور العظيم الذي يقوم به المعلم في توجيه الجيل في مختلف المراحل
العمرية دوراً مؤثراً في تحديد توجيه الجيل في مختلف المراحل العمرية دورا مؤثراً
في تحديد التزجيه الذي يسير عليه الأبناء , وأصبح من الأعظم بشكل ضروري أن يزيد
الإهتمام بالعمل على خلق مناهج تفعل عوامل التفكير المستقيم لدى الشباب وهو يتلقى
تعليمه و هذا يحتاج إلى تأهيل تربوي من أجل التحرك من نقطة انطلاق سليمة في التوجيه
التربوي للأجيال القادمة[1].
العلوم الانسانية و مدى فاعليتها في التعامل
مع الظاهرة لاشك أن المتخصصين في العلوم الإنسانية تختلف مناهجهم في التعامل مع
الظواهر السلوكية عن غيرهم و من هنا كانت هناك ضرورة تدعونا الى توضيح الآلية التي
وضعوها للتعامل مع ظاهرة الإنحراف بشتى أشكالها.
فهم ذو اختصاص في دراسة هذه الظواهر ووضع
الاساليب المختلفة للتعامل معها و القضاء عليها أو العمل على الحد من آثارها[2].
قال تعالي في سورة المؤمنون "إِنَّ هَٰذِهِ
أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ"
هي لاشك من أهم الموضوعات التي نواجهها في
عصرنا الحاضر , فعالمنا الإسلامي يمر بمرحلة تاريخية محفوفة بالمخاطر الحقيقية
إضافة إلى سيل ضخم من التحديات على مختلف الصعد و لكن لمواجهة حالة التطرف الذي حذر
منها رسول الله "ص" والتي باتت مع الشحن الشيطاني و النفخ الحقود لقوى
الاستكبار و الصهيونية تحتاج جماعات المسلمين لابد لنا من أمور عدة أهمها :
أ) نشر الثقافه الاسلاميه التى تدعو الى التراحم والتسامح والإخاء والعمل على
مواجهة ثقافة الفتنة والتطرف.
ب) العمل على توضيح ونشر النصوص الدينية المتعلقة بالدعوة إلى الله تعالى وكيفية النهى عن المنكر ومعنى الجهاد والشهادة وإحكام التعامل مع الاخرين .
ج) تفعيل المنابر للتعريف بالفضائل الإسلامية ومواجهة العنف الناشئ عن التعصب والجهل بالقيم الاسلامية الصحيحة .
د) التأكيد على دور المؤسسات الخيرية والمجتمع المدني فى نشر التعايش وثقافة الاختلاف والتسامح والحوار والسعى إلى تبنى استراتيجية بعيدة المدى لحفظ وصيانة مجتمعاتنا الإسلامية, ولقد اتفق كثير من الفقهاء المسلمين على تحريم التطرف والغلو بجميع صوره وأنواعه وبينوا ذلك عبر أساليب مختلفه تارة بالنهى وتارة عن طريق التحذير من مشابهة الكفار فى الغلو وتارة أن الغلو سبب للهلاك قال تعالى " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا [3] وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِى الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِى الدِّينِ " [4]
الواجب على المؤسسات الدينية فى مواجهة الفكر
الضال فيمكن من الخطوات التالية
1-
ضبط المناشط اللامنهجية فى المدارس سواء كانت
فى التعليم العام او فى حلقات التحفيظ وحسن اختيار القائمين عليها ايجاد حهاز
رقابى توجيهى اشرافى على هذه المنشط لمتابعتها وتصحيح مسارها واعداد التقارير
الفصيلة عنها ورفعها للجهات العليا
2-
تعزيز الثوابت لدى الشباب خاصة وكافة فئات
المجتمع عامة من خلال الولاء للعقيدة .
3-
جمع الامة بمختلف فئاتها على صفات العقيدة
الصحيحة والولاء لولاء الامر بالمعروف ومعرفة حقهم فى الطاعة بالمعروف وحرمة
الخروج عليهم ايا كان نوع ذلك الخروج وعويا او علميا وبيان المفاسد الزتية على
الخروج على ولاة الامر دماورد فى ذلك فى النصوص الشرعية التى تحذر من ذلك
لقد انتشرت هذه الظاهرة بين فئة الشباب خاصة
وادت الى بروز امور خطيرة اكبرها الاخلال بنعمة الامن التى تعتبر من اهم النعم
التى انعم الله بها على جميع المخلوقات , ومن هنا كان لزاما علينا ان نضع السبل
الكفيلة بالقضاء عليها , ومن ابرز هذه النبل :
1-
اظهار وسيطة الاسلام واعتداله واوازنه والعمل
على ترسيخ الانتماد لدى الشباب لهذا الدين , واشعارهم بالاعتزار بهذه الوسطية وهذا
يعنى الثبات على المنهج الحق
2-
معرفة
الافكار المنحرفة وتحصين الشباب منها : فلا بد من تبصيرهم بهذة
الافكار قبل وصولهم اليهم منمقة مزخرفة
فيثا ثرون بها .
3-
العمل على الوقاية منه قبل علاجه بتكاتف
الجهود : الى مسؤلية اصلاح المجتمع ليست مسؤلية العلماء والموجهين خاصة بل هى
مسؤلية كل افراد المجتمع من علماء دنين ومربين اساتذة وموظفين اكاديمين وغيرهم
4-
التحزير من خطورة هذه المنهج واثاره السلبية
على المجتمع خاصة على الشباب وان كان على اعدى البعيد فعلى الرغم من وضوح خطوات
هذا المنهج فان تنامى شبهته وتلبيساته وتفسيراته الاهوائية والياته الانتقائية
يرشحها للتائير السيئ
5-
اتاحة الفرصة الكاملة للحوار الحر الرشيد داخل
المجتمع الواحد وتقويم الاعوجاج بالحجة والاقناع , وذلك لأن بديل التحاور هو تداول هذه الافكار بطريقة سرية غير
موجهة [6]
يؤكد المجمع الفقهي الاسلامي أن التطرف و
العنف و الارهاب ليس من الاسلام في شيئ و أنها اعمال خطيرة لها آثار فاحشة وفيها
إعتداءات على الانسان و ظلم له ومصدر الشريعة الإسلامية كتاب الله الكريم وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم , فلن يجد فيهما من شيئا من معاني التطرف و العنف و
الارهاب الذي يعن الإسلام.
لذلك شرع الجزاء الرادع للإرهاب والعدوان
والفساد واعتبره محاربة لله ورسوله في قوله تعالي " إِنَّمَا جَزَاءُ
الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ
يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ
أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ"
ولا توجد
عقوبة أخرى بهذه الشدة فنظرا لخطورة هذا الاعتداء الذي يعبر في الشريعة الاسلامية
حربا ضد حدود الله وضد خلقه [7].
سبق أن
الإسلام جمع القوانين في مكافحة الإرهاب وحماية المجتمعات من شروره و في مقدمة ذلك
حفظ الانسان و حماية حياته وعرضه و ماله ودينه وعقله و هناك حدودا واضحة منع
الاسلام من تجاوزها قال سبحانه " وَمَن يَتَعَدَّ
حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"
وهذا التوجيه
لعوام البشر كذلك حرم الاسلام كل عمل يلحق بالظلم به فقد قال تعالى " وَلِكُلِّ أُمَّةٍ
أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ"
وشنع على
الذين يؤذون الناس في أرجاء الأرض ولم يحدد ذلك ديار المسلمين كما في قوله تعالي
" وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا
وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ"
وأمر
بالابتعاد عن الفتن بين الناس وحذر من
مخاطر ذلك فقال تعالى : " وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ
خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ."[8]
تقوية المؤسسات الدينية و القضائية :
1-
الحفاظ على هوية الأمة المسلمة , وتعدها
بالتفقه و التوعية , لتحقيق واجبها في حماية الدين و النصح للعالمين و الشهود على
الخلق ولتكون واعيا للأمة.
2-
تحقيق القدورة الصالحة , والقيام بواجب النصح
والإرشاد للأمة وقادتها بالحكمة وتصحيح المفاهيم الخاطئة ووقاية الأمة من الشبهات
المضللة والدعوات المغرضة بنشر العلم الصحيح المنبثق من احوال الغسلام.
3-
تعزيز التنسيق بين المؤسسات الشرعية في
الفتوى و التصدي للنوازل العامة بالفتوى الجماعية , والتحذير من الفتاوي الشاذه.
4-
تقوية التواصل مع الشباب وتضييق الفجوة معهم
وتوسيع آفاق حوارهم و إجابة استفساراتهم و السعي في تعزيز تهج الوسطية بينهم
وتعزيز الوحدة الدينية و الوطنية في المجتمعات الاسلامية والتصدى لدعاوي الفتنة
الطائفية[9].
لقد أمر الله سبحانه و تعالى عباده الاستقامة
و الاعتدال ونهاهم عن العلو والانحلال " وإن الدين الاسلامي يعارض التطرف
والتعصب ويحترم التعددية الثقافية والدينيو والحضارية وينبذ العنصرية و يدعو
للوسطية , فقد قال الله تعالي " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ " الاية : 172 – سورة النساء.
حينما يفقد أفراد المجتمع الوعي السليم ,
والقدوة الرشيدة او يقعوا فرائس الصراعات النفسية بين الحلال والحرام بين الفطرة
ومستجدات العصر[10].
الاسلام ينفر أشد النفور من الغلو في الدنيا
ويحذر منه حيث
لاشك أن الوسطية منهج حياة و سمة في الغسلام
في كل الأحوال في السراء و الضراء في السلم و الحرب , في معاملة الأحباء ومعاملة
البغضاء , لايتغير ذلك كما هي الصفة اللازمة الدائمة , وكما كان سؤال النبي
"ص" ودعاؤه أن يرزقه الله سبحانه و تعالي – العدل في الرضا و الغضب
والقصد في الغنى و الفقر وإن الوسطية في الإسلام تعني العدل و التوازن و الحكمة
ووضع الشيئ في موضعه في حيث انه حذر من كل ما يخالف الوسطية من مفاهيم خاطئة
كالالحاد والشرك و الفواحش والتهور والاسراف , كما حذر من الرهبنة و البخل
واللامسئولية أو تجاوز الحد مما يهدد الأمن الإجتماعي او الفكري او البيئي أو
السياسي و الإقتصادي , وهي تعفى من جملة الاسباب التي تردي الى ظاهرة الارهاب و
التي منها انتشاؤ الجهل وروح التعصب وتفشي الفقر و الظلم و الاستبداد و القهر
وفقدان الوازع المعنوي[11].
الممارسات المجتمعية التربوية المختلفة في
تفعيل قيمة الوسطية يجب تعامل مؤسسات المجتمع مع ظاهرة الغلو والتطرف تعاملا
عقلانيا والنظر إليها نظرة واقعية بإعتبارها ظاهرة موجودة ولا بد التعامل معها حتى
يتم إحتوائها.
وبالعقل وحده يمكن الاهتداء إلى العلل
الحقيقية الكاملة وراءها وعدم الإنسياق وراء أحكام آنية , تنجم عادة ضد أو مع من موقف
عاطفى وليس موقف شرعي وعقلي.
[3] ابراهيم اسماعيل
: الشباب بين التطرف والانحراف , القاهرة , دار العربية للكتب 1998,ص43
[4] الهوارى عبد
الرحمن : التعريف بالارهاب واشكاله , الرياض , اكادمية نايف العربية , 1923, ص13
[5]الهوارى عبد
الرحمن : التعريف بالارهاب واشكاله , مرجع سبقا ذكره ص34
[6] احمد مبارك سالم
: الانحراف والتطرف الفكرى , القاهرة , دار الكتب , 1927, ص33
[10] صالح بن علد العزيز : التحذير من الغلو في الدنيا ,
الرياض , دار أرواح للنشر والتوزيع , 1421 , ص : 91.