انماط العنف المدرسي
يتنوع العنف من فرد الى آخر ومن جماعة الى اخرى ومن مجتمع لآخر , ومصدر التنوع هنا تحدده الاهداف و الدوافع التي تحرك سلوك الافراد او الجماعات أو الحكومات ولذلك تنوعت مسميات العنف وتعريفاته , كما تعددت دوافعه و أشكاله ومظاهره و العوالم و الاسباب المؤدية اليه وتعددت أيضا انماطه وتصنيفاته , لذلك لا يمكن حصر أنماطه , لان الحياة دائما تأتى بالجديد من مظاهر السلوك العنيف التي تختلف أنماطه ومسبباته بتغير الظروف التاريخية من زمان معين , ومكان معين , وثقافة معينة , فقد ذكر جون لوكا أن العنف له ألف وجه , وأن أشكال العنف مثل الأعداد تبدو لا متناهية , كما اكد ذلك قدري حنفي بقوله "للعنف تصنيفات تفوق الحصر , وهي تتوقف في النهاية على الهدف العملي للقائم بالتصنيف وعلى التعريف الاجرائي الذي يلتزم به وفى ضوء ما سبق يتم تصنيف أنماط العنف وأنواعه على النحو التالي :
1- العنف بشكل عام :
فقد يصنف العنف بشكل عام إلى :
أ- العنف العادي : وهو ذلك النمط من العنف الذي يستخدم في – بشكل عادي – اللطم و الدفع , والصفع و قد يعد تكرا مثل هذه الاشكال البسيطة للعنف شيئا عاديا او مقبولا حيث تعتبر على سبيل المثال جزء من تربية الاطفال او جزء من التفاعل بين الزوجين.
ب- العنف غير العادي : ويقصد به إساءة استخدام العنف عن طريق استخدام الافعال العدوانية التي تتضمن اللكمات , و العض , والخنق , والضرب , وإطلاق النار , وتعد تلك الافعال أشد افعال العنف خطورة .
2- من حيث القائم بالعنف :
فقد يصنع العنف من حيث القائم به الى :
أ- العنف الفردي وهو ذلك العنف الذي يحدث بين الاشخاص فى الحياة اليومية مثل قيام شخص معين بقتل شخص اخر أصناء ثورة من الغضب او لا نه العنف الذي يمارسه فرد بذاته لتحقيق أهداف وغايات شخصية , ويكون ضحية هذا النوع من العنف فرادا واحدا.
ب- العنف الجمعي : وهو ذلك العنف الذي يتمثل في حالة الإرهاب او الحرب كما يقصد بالعنف الجمعي أيضا انه ذلك العنف الذي تمارسه مجموعات تحقيقا لأهداف عامه مجرده عن الغاية أو المصلحة الذاتية , وقد يأخذ العنف الجمعي عدة أشكال تتمثل في اغتيال الرؤساء , والشعب في ساحات المدينة و زرع المتفجرات في مراكز الشرطة أو في المؤسسات الرسمية كالمدارس والإبادة الجماعية لشعب او طائفة.
3- من حيث طريقة التعبير عن العنف :
يتم تصنيف العنف من حيث طريقة التعبير عنه الى :
أ- عنف مباشر (صريح) : وهو ذلك العنف الذي يستخدم القوة الجسدية و ارغان الاخرين على سلوك متطاير تماما لما يتمنوه وأيضا بانه العنف الذي يشمل كل الاعمال المسيئة الى نفسية وكرامة الفرد او الجماعة , كما انه العنف الذي يقترن باستخدام القوة بصورة مكشوفة (الحرب – العصيان المسلح – الاعتداء الجسدي .... الخ).
ب- عنف غير مباشر (خفي) : وهو العنف الاقتصادي و المعنوي المتخذ ضد العمال , واشكال مختلفة للضغط الفكري و الاخلاقي والنفسي على الجماهير قد تم استخدامها. وترى هذه الاشكال الاخيرة الخفية للعنف بصورة اقل غالبا , لأنها تختبئ تحت ستار التشريعات و التنظيمات الاجتماعية السياسية , وفي المجال التعليمي فإنه يرتبط بمدى توفير التعليم في ضوء التغطية و الجودة و وطبقا لهذا المدخل فان الظلم و الجودة المنخفضة و الفرص الغير متكافئة تخلق مشكلات في المجتمع من المحتمل ان تولد العنف.
4- من حيث طبيعة العنف :
يتم تصنيف العنف من حيث طبيعته إلى :
أ- عنف لفظي : يعتبر من اشد اشكال العنف خطرا على سوية الحياة الاسرية , لأنه يؤثر على الصحة النفسية لأفراد الأسرة وبخاصة أن الالفاظ المستخدمة تسيئ الى شخصية الفرد ومفهومه عن ذاته , ويتمثل العنف في الشتم و السباب.
ب- عنف بدني : يعتبر العنف البدني اكثر انواع العنف الاسري شيوعا و وذلك لملاحظته واكتشافه , ونظرا لما يتركه من آثار على الجسد . ويشمل العنف البدني الضرب باليد و الضرب بأداة حادة و الخنق و الدفع ... الخ.
ج- عنف حركي : بأنه استجابة الفرد الحركية التي تتميز بالشدة و القوة والحدة و تظهر عندما يتعرض الفرض لموقف حصري يدافع فيه عن ذاته. ويتخذ هذا الاسلوب فى الاستجابة عدة اشكال ومنها على سبيل المثال الالعاب الرياضية العنيفة.
د- العنف الجنسي : وقد يقع داخل نطاق الاسرة او خارجها وفي تلك الحالتين يحاط بالتكتم الشديد والحيلولة دون وصول الحالات الى القضاء و الشرطة لان ن شان ذلك الإساءة الى سمعة الاسرة و مستقبل أفرادها في المجتمع.
ه- العنف النفسي : هو العنف المسلط على الفرد بهدف ايذاءه معنويا . أما فيما يخص العنف النفسي نحو الطفل فيتمثل في : الاهمال في رعاية الطفل صحيا او تعليميا أو عاطفيا , والحماية الزائدة و التشدد في فرد الأوامر.
5- من حيث درجة العنف :
يتم تصنيف العنف من حيث درجته إلى :
أ- العنف اللاعقلاني (غير المسئول) : وهو نمط من العنف الذي يفتقد لأية أهداف موضوعية يثور ضدها وهو نوع من الانفجار الذي يفتقد لأية صلة موضوعية بسياقه الاجتماعي.
ب- العنف العقلاني (الرشيد) : و هو أكثر أنماط العنف نضجا وفاعلية , ذلك لأنه يمتلك إطارا واضحا يحتوى بداخلة على الاهداف والوسائل المحددة موضوعيا.
6- من حيث شرعية العنف :
يصنف العنف من حيث شرعيته الى :
أ- العنف المشروع (الشرعي ) : و هو العنف الذي يستند الى ارضية مشروعة من القوانين او الاعراف أو الانظمة أو القيم او التقاليد , كما انه يتمثل في استخدام السلطة السياسية للقوة في مواجهة الخروج على الشرعية في المجتمع. وهذا النوع من العنف يتأسس من خلال المعايير و القيم المتعارف عليها.
ب- العنف غير المشروع (غير الشرعي) : وهو العنف الشائع في معناه بين غالبية الناس حين يلتصق بصفة اللاشرعية حيث يخالف القانون أو الاخلاق وهو سلوك يتجاوز حدود تسامح المجتمع كالقتل أو الايذاء أو بقية انماط العنف الإجرامي الأخرى.
7- من حيث اتجاهات العنف :
يصنف العنف من حيث اتجاهاته الى:
أ- العنف الاجرائي او السلوكي : بانعدام توفر الإشباعات الدائمة للفرد لدوافعه و غرائزه – يحدث سوء التكيف , إلا أن هناك اختلافا في سوية الافراد وسلوكهم من حيث تكيفهم او انحرافهم و قد يتسم السلوك المنحرف عند بعض الافراد بعدم الانضباط والعنف والقسوة أو اللامبالاة الاجتماعي وكلها تؤدي الى لسبية فى عملية التطبيع الاجتماعي. فالإفراط في التنشئة يؤدي الى التبعية والتراخي يؤدي الى العدوانية وعنف السلوك. و العنف الإجرائي أو السلوكي يشمل الهجوم الجسمي من (ضرب , ورفص , وعض , وايذاء بدني) و أيضا العنف الذي يشمل الهجوم اللفظي من (شتائم , ونكات غير لائقة , وتهكم , وإثارة الفتن , وأصوات عالية) كما أنه شيمل أيضا في التعدي على الممتلكات سواء ( بالاغتصاب لحقوق الآخرين في الممتلكات أو بالحرق و التدمير لها.
8- من حيث توجهات أو مجالات العنف :
يصنف العنف من حيث مجالاته الى :
أ- العنف الأسري :
وهو ذلك العنف الذي يعد من المشكلات الرئيسية التي ظهرت في المجتمع الحديث ,وتتعدد أساليب واشكال العنف داخل نطاق الاسرة سواء على مستوى السلوك و الأفعال أو على مستوى الأفراد. فقد يتضمن شكل العنف الاسري عنف الكلمات او عنف الأفعال و السلوك.
وتتعدى اشكال العنف على مستوى الافراد , فقد يأخذ العنف الاسري شكل الإساءة للطفل , أو الإساءة للأزواج أو الإساءة لكبار السن و قد يمتد ليشمل الإساءة للإخوة و الإساءة للآباء.
ب- العنف الطلابي :
وهو احد أنواع العنف الذي يقلق السلطة السياسية في المجتمع , حيث يمثل الطلاب قوة لا يستهان بها في المجتمع. وقد طرحت عدت تفسيرات حول العنف فالطلابي في محاولة لتوضيح تلك المشكلة فقد يعد تفسير برنوبتلهايم من أقوى التفسيرات التي طرحت للعنف الطلابي. فقد بنى بتلهايم تفسيره للعنف الطلابي على افتراض وجود خواء اخلاقي في حياة الشباب الجامعي الثائر , وبالتالي الاحساس بضياع الحياة و تفاهتها.
هذا الخواء الروحي و الفراغ الأخلاقي في حياة الطالب الجامعي يعوضان – كما توصي بذلك تصورات الطلبة – بتبني أهداف اجتماعية قريبة , ذات بريق أخلاقي وهاج كالاحتجاج على التمييز بين الطلاب في القبول , أو بالثورة على النظام الاجتماعي القائم برمته.
ج- العنف السياسي :
ويعد العنف السياسي أكثر انواع العنف انتشارا و أشدها خطورة في المجتمع , ويعني ذلك النمط من العنف تعمد إنزال او التهديد بإنزال الإيذاء البدني , أو الضرر من اجل أهداف سياسية , أو أنه العنف الذي يحدث عن دون قصد في الصراعات السياسية المتزامنة و يرى تيدهندريس أنه يمكن تعريف العنف السياسي بأنه استعمال القوة بشكل مؤثر و مدمر ضد الافراد أو الاشياء , أو استعمال قوى محظورة من قبل الفانون وموجهة لإحداث تغير في المناهج السياسية وفي أشخاص الحكومة او نظامها وذلك بهدف إحداث تغييرات في المجتمع.
د- العنف الديني :
ويعد العنف الديني ظاهرة موجودة في العديد من المجتمعات تحركها منطلقات شخصية تحاول ان تصطبغ بالصبغة الشرعية و ترتبط بايدلوجية دينية تخلق لها درجة من المصداقية. ويحدد فراج محمد فراج العنف الديني على انه ذلك السلوك الذي يسعى للتغير ويجتهد في تفسير النصوص الدينية . ويصبغ هذا السلوك بالصبغة الشرعية ويعتبر الخارجون عليه هم خارجون عن الشرع.
ه- العنف الاجتماعي الطبقي :
ويظهر شكله في المجتمع عندما يكون هناك تفاوت طبقي ينجم عن سوء توزيع في ثروة المجتمع فيقسم معه المجتمع إلى طبقات يصبح لكل منها سلوك يحدده الوضع الاقتصادي و المكانة الاجتماعية لكل طبقة ويكون الصراع بين هذه الطبقات امرا حتميا و يصبع العنف هو المحصلة النهائية لهذا الصراع الطبقي
9- من حيث أساليب العنف :
تعددت أساليب العنف و أدواته و يأتي هذا التنوع في الاسلوب نتيجة لطبيعة العنف التي يستخدمه العناصر التي تسعى لتحقيق هدف معين , فالعنف المادي لابد و ان تكون أدواته شاملة إحداث ضرر و خسائر في البناء الفيزيقي للمجتمع شاملة الأفراد و الممتلكات على حين تكون أساليب العنف المعنوي قاصرة على تخويف او ترهيب او اخضاع و بشكل يؤثر في تغيير الواقع القائم إلى حد كبير, وفي مؤلفه عن الحركات الاجتماعية الحديقة يقول بروكسامان "أساليب العنف متعددة و متنوعة منها اعمال الشغب , والمظاهرات , والثورات , و الحروب الاهلية , والاغتيالات , وعمليات الإرهاب". و أوضح كامرن ان هذه الوسائل التي تستخدمها العناصر التي تمارس العنف تخضع بشكل مباشر لتوافر عنصر الاستثارة التي يستخدمها مثيرو العنف ويقول إنه من الممكن ان يعتمد مثيرو العنف على تهيج الرأي العام ضد الخصم وإعداد الجماهير لتقبل مقترحاتهم و النتيجة الحتمية لحالة استمرار عمليات التهيج و الاثارة تكون استجابة الجماهير لتبني العنف في التعبير عن آرائها وقد يؤدي ذلك إلى تنامي الشعور لدي البعض من مثيري العنف بجدوى استخدام أسلوب الاستثارة و التهيج لدرجة تجعل منهم محترفين في هذا المضمار.
10- من حيث الدافع الى العنف :
قد يكون الدافع وراء العنف فطريا كاختلال في الكروموسومات وقد يكون مكتسبا عن طريق تقليد و محاكاة الآخرين. ففي هذا الصدد أشار حسن مصطفى عبد المعطي ان العنف يرجع الى الكروموسومات الذكرية , فمن المعروف ان الذكر يختلف عن الأنثى في وجود الكروموسوم (Y) , فالأنثى تكون (XX) , بينما الذكر يكون (XY). ولذلك يعد الكروموسوم (Y) هو المحدد للجنس , وقد اوضحت الدراسات ان نسبة عالية من مجرمي العنف الذين تم ايداعهم فى السجون بهم عيب في توزيع الكروموسومات لديهم تأخذ شكل (XXY) , وحاول البعض ارجاع السلوك العدواني لدى هؤلاء الافراد الى وجود كروموسوم (Y) زائد عن الطبيعي.
11- من حيث موضوع العنف :
قد يكون موجها ضد ذات الفرد الذي يقوم بالعنف , او موجها لشخص آخر او جماعة اخرى أو موجها ضد الممتلكات.