الثلاثاء، 23 مايو 2017

النظريات المفسرة للعنف المدرسي

النظريات المفسرة للعنف لدى طلاب المدارس:
تتعدد المداخل و النظريات العلمية التي تناولت تفسير سلوك العنف وذلك نظرا لتعاقد السلوك وتغيره , وسوف نعرض بعض التفسيرات العلمية المختلفة لسلوك العنف بما يتضمنه كل تصنيف من نظريات علمية تساعد على الفهم الواضح لهذا السلوك على النحو التالي :
أ‌- التفسيرات الفسيولوجية للعنف :
تتعدد الدراسات و الأبحاث الفسيولوجية التي حاولت وضع الاساس الفسيولوجي و الشريقي لسلوك تشريحي للسلوك العنيف من خلال نظريات معينة و هي : النظرية البيولوجية : التي ترى ان العوامل البيولوجية هي الوحيدة أو الأكثر اهمية في تحديد السلوك العنيف وترى ان الاشخاص الذين يسلكون سلوك العنف لديهم سمات وخصائص بيولوجية معينة .
النظرية الفسيولوجية العصبية : وهي تشير الى وجود علاقة بين العنف  والمخ حيث أوضحت أن هناك مناطق بعينها توجد فى المخ لها علاقة مباشرة بالسلوك العنيف وأن تنبيه هذه المناطق يفجر السلوك العنيف لدى الفرد , وقد وجهت العديد من الانتقادات لتلك النظريات مما يشكك في صحتها.
ب‌- التفسيرات البيئية للعنف :
يري أصحاب هذا الاتجاه ان العنف يتأثر بالعوامل البيئة الفيزيقية , وقد توجهت معظم الدراسات لدراسة ثلاثة موضوعات بيئية في علاقتها بالعنف وهذه الموضوعات تشمل الضوضاء و الازدحام و الحرارة و وطبا لتفسيرات هذه النظرية فغن معظم الطلاب ينتمون لأسر تقطن في مناطق سكنية مزدحمة بما يساهم في انتشار ظاهرة العنف.
ج – التفسيرات النفسية للعنف : بعض علماء علم النفس قدموا تفسيرات نفسية مختلفة لسلوك العنف من خلال النظريات التالية : 
نظرية التحليل النفسي : نسب سيجموند فرويد العنف الى تلك الدوافع الغريزية , كما اكد على الدور الذي يلعبه اللاشعور في الاداء العقلي و سلوك الفرد و الذي يشمل كل من الدوافع الغريزية و الذكريات المؤلمة المكبوتة في الطفولة المبكرة.
نظرية الاحباط : يوصف الاحباط بانه شعور ذاتي يمر به الفرد عندما يواجه عائق ما يحول دون تحقيق هدف مرغوب او نتيجة يتطلع اليها والاحباط يؤدي الى الغضب و من ثم يؤدي الى العنف.
وطبقا لتفسيرات هذه النظرية نجد أن الاحباط الذي يعاني منه الطلاب نتيجة عدم اشباع احتياجاتهم , بالإضافة الى عدم اقتناع الطلاب بأهمية التعليم الفني ونظرة المجتمع المتدنية لهذا النوع من التعليم و عدم تلبيته لرغابتهم وارضاء طموحاتهم مما يزيد من الشعور بالإحباط ويدفعهم الى ممارسة العنف واتخاذ اهداف مضادة للمجتمع.
النظرية المعرفية السلوكية : تعتبر النظرية المعرفية السلوكية إحدى ثمرات النظرية السلوكية و العلاج السلوكي وقد تم صياغتها حديثا اعتمادا على نظرية التعلم الاجتماعي و تؤكد هذه النظرية على ان السلوك يتأثر بادراك البيئة وتأثيرها اثناء عملية التعليم , والسلوك غير الملائم ظاهريا ينشأ عن سوء التفكير و الإدراك المعرفي غير السوي وسوء الفهم .
ويفسر أصحاب هذه النظرية سلوك العنف باعتباره نتيجة لنماذج الفكر المشوه لدى الفرد , فهم يبحثون في الافكار الخاطئة لدى الفرد في الوقت الراهن و التي ادت الى هذا السلوك مثل الاعتقاد بان العنف هو وسيلة لحل المشكلات و ان الانسان القوي دائما ما يحصل على ما يريد.
وطبقا لهذه النظرية فإن الطلاب الذين يمارسون العنف لديهم أفكار لا توافقية خاطئة و التي تؤثر على سلوكياتهم و تدفعهم للعنف نحو المحيطين بهم.
د- التفسيرات النفسية الاجتماعية للعنف :
ينظر بعض علماء علم النفس الاجتماعي الى سلوك العنف على انه سلوك مشكل ينتج عن تفاعل شخصية الفرد مع البيئة و هذا يتضح من خلال نظرية التعليم الاجتماعي حيث يعد ألبرت باندورا أحد المدافعين عن تفسيرات التعلم الاجتماعي للعدوان والعنف , ويرى ان الوسيلة الأساسية لتعلم السلوك هي من خلال الملاحظة للنماذج , و النماذج هي أفراد يمكن تقليد سلوكهم.
هـ- التفسيرات الاجتماعية للعنف :
  قام علماء الاجتماع بتركيز اهتماهم على الكشف عن اهم العوامل الاجتماعية المسببة لهذه الظاهرة و من النظريات الاجتماعية المفسرة للعنف
نظرية الثقافة الفرعية : قدم مارفن وولفانج نظرية عن الثقافة الفرعية و تكشف هذه النظرية عن أن هناك ثقافة فرعية للعنف وتتميز بان لها اتجاهات ايجابية نحو العنف , وأن هذه الاتجاهات تشجع على ظهور سلوك العنف في كثير من الظروف وأنها تعد فى الواقع جزء من الثقافة العامة السائدة في المجتمع , وليس من الضروري ان يعبر أعضاء الثقافة الفرعية عن العنف في جميع المواقف , ومع ذلك فغن العنف بعثير جزء من أسلوب حياتهم , كما انهم لا ينظرون إلى العنف على انه تصرف غير أخلاقي , بالإضافة الى انهم يشعرون بالذنب نتيجة عدوانهم.
وطبقا لتفسيرات هذه النظرية فإن طلاب التعليم الفني ينتمون لأسر تعاني من تدني المستوى الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي و التعليمي ويقطنون في أحياء حضرية متخلفة او عشوائية يتسم سكانها بمثل هذه السلوكيات العنيفة القائمة على البلطجة والتعصب , فنجد ان الطالب نفسه في وسط بيئة معظم سلوكياتها عنيفة سواء في الأقوال أو الافعال .
نظرية الضبط الاجتماعي : تنظر هذه النظرية للعنف على انه نتاج لفقدان الارتباط بالجماعات الاجتماعية التي تنظم وتوجه السلوك على انه نتيجة لا معيارية وفقدان التوجه و الضبط الاجتماعي الصحيح حيث يجرفهم التيار الى العنف و كما تنظر اليه على انه تفكك يحدث في المعايير التي تمثل مقاييس للسلوك الشخصي وذلك لأن التفكك الاجتماعي يؤدي بدوره الى التفكك الشخصي و عدم ضبط الشخص لسلوكياته تجاه الآخرين.
وتنطبق هذه النظرية على الفترة الحالية التي يمر بها المجتمع المصري و الذي ازداد فيها السرقات والقتل و النهب بعد ثورة 25 يناير بشكل واضح نتيجة اهتزاز القيم و التأكد من اعتداء ذوى السلطة على ممتلكات البلد فاتبعوا نفس الأسلوب و الذي أثر في الطلاب الذين فقدوا القدوة و تبنوا هذه القيم و ذلك السلوك إما تعبيرا عن احباطهم وإما تقليدا لهم وإعجابا بسلوك الجريمة.
نظرية الصراع : يركز أصحاب نظرية الصراع على مسلمة أساسية هي ان العنف الذي يحدث في المجتمع انما هو ميراث للظلم التاريخي , بالإضافة الى ماتعاني منه الاقليات من عدم الحصول على نصيب عادل من الثروة والقوة , مازال الكثير يعيشون تحت خط الفقر , مما يجعلهم يكنون للقانون قليلا من الاحترام , فالمسلمة التي يركزون عليها هي ان العنف نتاج القهر الذي يتعرض له الناس و بل إن ضحايا القهر يستخدمون غالبا الاسلحة التي استخدمت ضدهم اونهم تحت ضغط الاضطراب و الاحباط الذي يعانون منه فهم يحتدون غالبا في وجه اصدقائهم و جيرانهم بدلا من الاشخاص الذين يقهرونهم .
وطبقا لتفسيرات هذه النظرية فإن معظم الطلاب ينتمون لأسر تقطن مناطق سكانية عشوائية مزدحمة تعاني نقص الخدمات نتيجة انخفاض المستوى الاجتماعي و الاقتصادي وهذا التفاوت فى الثروة والدخل بين الطبقات الفقيرة و الغنية يزيد من استعمالهم للعنف.
نظرية الانساق الايكولوجية : وتفسر نظرية الانساق الايكولوجية العنف باعتباره نتاجا لعملية التفاعل بين الفرد كنسق صغير وبين الانساق الاخرى المحيطة به في البيئة و التي لها تأثير عليه حي تتراوح هذه الانساق من انساق صغيره مثل الاسرة والاصدقاء الى انسق اكبر منها مثل المدرسة و المجتمع.
وطبقا لتفسيرات النظرية الأيكولوجية فان العنف لدى طلاب المدارس ناتج عن العلاقة التفاعلية بين الطلاب وبيئاتهم سواء الاسرية او المدرسية او البيئة المحيطة و بذلك يكون السلوك متأثرا بطبيعة هذه العلاقات ايجابا او سلبا.