السبت، 30 ديسمبر 2017

العنف المدرسي في مصر

لقد أصبحت عملية التنمية هي الشغل الشاغل لجميع المجتمعات بصفة عامة والمجتمعات النامية بصفة خاصة, حيث أن هذه المجتمعات تختلف عن المجتمعات المتقدمة بل وأصبحت تابعة لها, والتنمية عملية شاملة لا تقتصر علي جانب واحد بل تتناول جوانب الحياة , من خلال الاعتماد علي الأساليب العلمية المخططة القائمة علي الدراسة والبحث القادرة علي مواجهة المشكلات لرفع مستوي المعيشة, من خلال التركيز علي تحقيق الأهداف المنشودة, ولكي تتحقق عملية التنمية الشاملة يجب التركيز علي تنمية الموارد البشرية, لأن الإنسان هو أساس التنمية وهو المستفيد منها وهو غايتها ووسيلتها.([1])
     يمر المجتمع المصري في الوقت الحالي بمرحلة تنموية هامة تتطلب منه الاهتمام بكل ثرواته وتنميتها علي النحو الذي يضمن له مسايرة المجتمعات المتقدمة, واذا كان العنصر البشري يمثل موردا هاما من موارد المجتمع في العمل علي توفير مقومات النمو الاجتماعي السليم لأفراد المجتمع ومواجهة المشكلات والمعوقات التي قد تعترضهم يمثل ضرورة تفرضها متطلبات الظروف الحالية لتحقيق أهداف المجتمع في إعداد من الشباب قادر علي تحمل مسئولية تنمية مجتمعة والنهوض به من كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية .([2])
     لذلك تهتم الدولة بالسعي نحو الوصول إلي أعلي مستوي من النمو والتقدم من خلال تحقيق التنمية الشاملة في كافة مجالات الحياة, اعتمادا علي مؤسساتها المختلفة.([3])
    هذا ويعتبر الاهتمام بالعنصر البشري من أهم العناصر المؤثرة في التنمية ويعتبر دعامة العمل والإنتاج, والمجتمع حينها يهتم بتنمية موارده وإمكانياته المادية وثرواته الاقتصادية, فإن الثروة البشرية هي الأصل في كل ما عداه من ثروات ويجب ان تلقي منه الاهتمام الأول.([4])
    تولي المجتمعات المعاصرة اهتماما واضحا بتنمية العنصر البشري في كافة المجالات ومنها مجال التعليم باعتباره أساس تقدم المجتمعات, ولكن كثيرا ما يشهد هذا المجال العديد من المشكلات الناتجة عن التغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية التي سادت المجتمعات العربية.([5])
     لا شك أن مظاهر العنف أصبحت سائدة وواسعة الانتشار في هذا العصر بسبب ازدياد حجم البطالة والعنف الاجتماعي وتدني المستوي الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وتكاد تشمل العالم بأسره, فلم تسلم من هذه الظاهرة بلد أو منطقة أو ثقافة ولا شك أن هذه الظاهرة لها انعكاساتها المجتمعية والبيئية السلبية المادية والاجتماعية والثقافية , ولا كنها  تهدد الوجود الإنساني ككل.([6])
     وبذلك أصبحت مشكلة العنف المدرسي أحد قضايا التعليم الملحة وبل أصبح الاهتمام بها يفوق الاهتمام بالعملية التعليمية ذاته, كأولوية قصوي للإصلاح , فالتهديد بالعنف أصبح يشكل مخالفة أساسية للعقد الاجتماعي بين المدرسة والمجتمع, وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات لحلها بصورة فعالة سوف يحدث خلل بالتعليم لا يمكن إصلاحه.([7])
     وتعد ظاهرة العنف المدرسي من أهم المشكلات في مدارسنا اليوم, لأنها تهدد صحة الطلاب وتؤثر علي مؤسسات التعليم التي تقوم بعبء النهوض بالمجتمع, ويظهر العنف المدرسي من خلال بعض الأنماط السلوكية سواء مع الأقران أو مع المدرسين أو التعدي علي ممتلكات المدرسة, ويترتب علي العنف الكثير من الأضرار والآثار السيئة في المدارس, ولا تقتصر هذه الأثار علي الضرر الجسمي والنفسي للطلاب فقط, بل تقف عثرة أمام جهود المعلمين في تحقيق أهداف المؤسسة , الأمر الذي يتطلب معه استعانة المدرسة بالعديد من المهن والتخصصات المختلفة التي تمكنها من القيان بدورها التنموي.([8])
     وتظهر مشكلة العنف واضحة جلية في مرحلة المراهقة وهي من أخطر مراحل العمر التي يمر بها الإنسان والتي تتسم بخصائص معينة نظرا لان سلوكيات المراهق في تلك المرحلة تتسم بالاضطراب في الإنكار والتصورات نحو ذاته ورفاقه ومجتمعه وعلاوة علي وجود عجز في التكيف في بعض الأحيان مع كافة التغيرات داخل الأسرة أو المجتمع الخارجي بما قد يدفع المراهق إلي ارتكاب العديد من السلوكيات غير المرغوبة كالعدوان والذي تزداد استجاباته حدة وتطرفا إلي أن تصل إلي حد العنف.([9])



[1] ) سامية بارح فرج : الممارسة المهنية لطريقة تنظيم المجتمع باستخدام المدخل التنموي لتنمية فكر العمل لطلاب المدارس الثانوية الفنية الصناعية, بحث منشور, مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية, كلية الخدمة الاجتماعية, جامعة حلوان, العدد الثلاثون, الجزء الرابع إبريل 2011, صــــ1579.
[2] ) حنان شوقي السيد : برنامج إرشادي للعمل مع جماعات الطلاب للتحقيق من حدة العنف المدرسي لديهم, بحث منشور, مجلة الدراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية, كلية الخدمة الاجتماعية, جامعة حلوان, العدد الثلاثون, إبريل 2011صـ523 .
[3] ) حنان شوقي السيد : المرجع السابق صـــ 523 .
[4] ) إبراهيم محمد عبد الله الكعبي : عوامل العنف في المجتمع المدرسي بدولة قطر , بحث منشور, مجلة الدراسات في الخدمة الاجتماعية , جامعة حلوان, العدد الثاني والثلاثون, إبريل 2012, صـــ355 .
[5] ) نجلاء محمد صالح : دور جماعات الرفاق في انتشار ظاهرة العنف لدي طلاب المدارس بالمملكة الأردنية الهاشمية, بحث منشور, مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية, كلية الخدمة الاجتماعية , جامعة حلوان, العدد الثاني والثلاثون, الجزء السادس ,2002, صــــ 1351 .
[6] ) فضل محمد أحمد : تأثير الممارسات العامة للخدمة الاجتماعية في التحقيق من حدة العنف الطلابي المرتبط بالاعتداء علي الممتلكات العامة بالمدارس الفنية الثانوية , بحث منشور , مجلة الدراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية, كلية الخدمة الاجتماعية, جامعة حلوان, العدد الحادي والثلاثون, أكتوبر 2011, صـــ 4139.
[7] ) محمد محمد حسان إبراهيم : استخدام المعسكرات كأداة للتخفيف من حدة العنف المدرسي لدي طلاب التعليم الفني, بحث منشور ,  مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية, كلية الخدمة الاجتماعية, جامعة حلوان, العدد الثامن والعشرون, إبريل  2010, صـــ 1423 .
[8] ) حنان شوقي السيد : مرجع سبق ذكره صـــ 523 .
[9] ) محمد محمد حسان إبراهيم : مرجع سبق ذكره صــــ 523 .