يمكن إجمالي القول بأن مشكلة العنف من المشكلات الاجتماعية المعقدة التي
تتطلب التي تتطلب البحث والدراسة من المتخصصين الاجتماعيين وغيرهم, فالعنف قديم
قدم الوجود , حاضر منذ بداية التاريخ ومنذ أول حدث للصراع بين البشر المتمثل في
الخلاف بين قابيل وهابيل, ولقد شهدت البشرية أحداثا كثيرة تميزت بالعنف الذي يعتبر
ظاهرة اجتماعية تعرفها المجتمعات بكل الاختلافات التي بينها وتنتشر علي مستوي كل
الطبقات والفئات والشرائح بدون استثناءات وأنها أيضا ظاهرة مرتبطة بالفرد في
علاقته مع الأخرين ومع محيطه ككل, بمعنى ان ممارسة العنف لا تتم إلا بوجود طرفين
كل واحد منهما يمثل جزء من المجتمع مما يجعلها قضية عامة تخص المجتمع ككل,
والمؤسسات الإصلاحية شأنها شان المجتمع لا يخلو من العنف.([1])
ويعد العنف سلوكاً انحرافياً مكتسبا
وظاهرة اجتماعية مثيرة للقلق, تزداد يوما تلوا الأخر وتتعدد مظاهره وأشكاله
والعوامل الكامنة وراء ظهوره واستفحاله, والأثار المترتبة عليه, والعنف لم يعد
يقتصر علي الأسرة وحدها فحسب بل اتسع ليشمل المدرسة أيضا باعتباره جزء من المجتمع,
وأصبح العنف المدرسي ليس قاصرا علي مجتمع دون أخر بل هو موجود في كل المجتمعات
سواء كانت صناعية أو نامية , وكذلك أيضا في المناطق الريفية والحضرية داخل المجتمع
الواحد, والجدير بالذكر أن مشكلة العنف في المدرسة أصبحت تشمل كل الأعمار وجميع
مستويات الصفوف المدرسية وجميع المراحل التعليمية, ولكنها لأكثر وضوحا في مرحلة
المراهقة, حيث تتميز هذه المرحلة بأزمات نفسية كأزمة الهوية والشعور بالاغتراب ,
مما يدقع المراهقين إلي العنف والخروج علي رموز السلطة والتمرد عليهم, ويظهر العنف
المدرسي في أنماط مختلفة تتضمن عنف التلميذ تجاه تلميذ أخر, وعنف المدرس تجاه
التلاميذ وعنف التلاميذ تجاه بعض المدرسين.([2])
وتعتبر الخدمة الاجتماعية أحد المهن
الأساسية التي تمارس داخل المدرسة, لتسهم بدور فعال في التعامل مع المشكلات
السلوكية للوصول بالطلاب والطالبات إلي مستوي أفضل في حدود قدراتهم وطاقاتهم, فهي
كمهنة لها أهدافها الوقائية والعلاجية التنموية التي تساعد المدرسة علي تحقيق
أهدافها, خصوصا وان المدرسة لم تعد مؤسسة تربوية فحسب, بل أصبحت مؤسسة تربوية ذات
أهداف اجتماعية.([3])
وقد اهتمت مهنة الخدمة الاجتماعية بظاهرة
العنف باعتبارها مهنة إنسانية تهتم بكل ما يعوق تنمية العنصر البشري وتوجيه الجهود
المختلفة لمواجهتها وتحقيق النمو للفرد والجماعة والمجتمع, وذلك بالاعتماد علي
طرقها الأساسية والمساعدة ومنها طريقة العمل مع الجماعات لما لها من دور بارز في
المجال المدرسي, حيث يستخدم الأخصائي الاجتماعي الجماعات المدرسية كوسائل لتحقيق
أهداف الخدمة الاجتماعية بالإضافة إلي استخدامها للحد من انتشار الظواهر السلبية
التي انتشرت مؤخرا بالمدارس وتعوق العملية التعليمية ومنها ظاهرة العنف.([4])
[1] ) عبير حسن علي
الزواوي : دور مقترح لأخصائي خدمة الجماعة في التخفيف من مشكلة العنف الأسري في
المجتمع الريفي , بحث منشور , مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية
, كلية الخدمة الاجتماعية , جامعة حلوان , العدد الحادي والثلاثون, الجزء السابع
,أكتوبر, 2011, صــــ 3296 .
[2] ) إيمان حفني عبد
الحليم الهاشمي : تصور مقترح لأدوار الأخصائي الاجتماعي كممارس عام في منظمات
المجتمع المدني من الوقاية من العنف ضد الأطفال, بحث منشور , مجلة دراسات في
الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية, , كلية الخدمة الاجتماعية, جامعة حلوان,
العدد الحادي والثلاثون , الجزء العاشر, أكتوبر 2011, ص ص 4505-4506.
[3] ) حنان شوقي السيد
: مرجع سبق ذكره صـــ 524 .
[4] ) إبراهيم محمد
عبد الله الكعبي : مرجع سبق ذكره صــــ 352 .