السبت، 23 ديسمبر 2017

محو الأمية مسئولية تجاه المجتمعIlliteracy and society

محو الأمية مسئولية تجاه المجتمعIlliteracy and society
محو الأمية مسئولية تجاه المجتمعIlliteracy and society
ان الأميه خطر كبير يدمر المجتمف فمجتمع لايقرأ مجتمع لايعرف ولا يتقدم خطوة إلى الأمام .
تحاول المجتمعات المتقدمة والواعية الارتقاء بمستوى شعوبها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية بل من جميع النواحي وذلك لايتم إلا من خلال الإنهاء على الأمية تماما وتنظيم البرامج التعليمية والنهضوية المختلفة التي تكفل تحقيق التقدم والنمو والتطلع نحو مستقبل أفضل وأكثر وعياً , والإنسان المدرب الواعي المثقف هو الذي يضطلع بوضع هذه البرامج وهو الذي ينفذها. وفي النهاية هو المستفيد منها ومجتمعه ومن يتعايشون معه ورغم توافر العنصر البشري في الدول النامية إلا انه يعتبر احدى مشكلاتها ذلك لانه في الغالب عنصر غير مدرب ويعاني من الأمية  وذلك ناشىء عن مشكلة الأمية التي تضرب بأطنابها في جذور هذه المجتمعات نتيجة التخلف والجهل الذي يلحق بها ونتيجة عدم توقير العلماء والاستهزاء بهم وجعل الدجالين وأصحاب الخرافات ومن يملكون المال والسلطة هم أهل العلم للأسف . هذه المشكلة التي تكاد يستعصي حلها على كثير من المجتمعات وفي الغالب تستعصى على المجتمعات العنيفة والغير موحدة والتي ينتشر فيها الجهل والكره فحيثما تم محو أمية فرد نشأ أمي آخر لأسباب مختلفة كالتسرب من التعليم او ضعف وعدم جدية الجهود المبذولة لمحو الأمية وهو السبب الذي جعل الرئيس السابق لمنظمة اليونسكو العالمية احمد مختار إمبو يحذر من تفشي هذه الظاهرة قائلا: اذا ظلت الجهود الراهنة على ما هي عليه الآن في محو الأمية فسوف تصل أعداد الأميين بنهاية القرن العشرين وهو القرن المنصرم الى 900 مليون أمي وهي نسبة عالية جدا بلا شك.
ولعلنا ندرك الأخطار المختلفة للأمية وعلاقتها الوثيقة بمشكلات المجتمع الأخرى فحيثما تفاقمت هذه المشكلة تفاقمت مشكلات المجتمع اقتصاديا وثقافيا وأخلاقياً  وحيثما انخفضت انخفضت مشكلات المجتمع بشكل كبير وملحوظ.
ففي الجانب الصحي تعاني منظمة الصحة العالمية كثيرا في نشر برامجها التنموية والصحية في الدول النامية بسبب مشكلة الأمية في هذه المجتمعات , وقد أشارت هذه المنظمة الى كثير من الأمراض المتفشية في هذه المجتمعات ففي حين يصاب بمرض الدرن عشرة ملايين شخص سنويا على مستوى العالم فان نسبة 75% منهم تتواجد في الدول النامية. في حين تنتشر الاصابة بمرض التيفوئيد بنسب عالية فإن نسبة 30% منها تنتشر بين الأمهات بالدول النامية. واذا كان ما يحتاجه الفرد من سعرات حرارية تصل الى ثلاثة آلاف سعر حراري يوميا فان نصيب الفرد منها في الدول المتقدمة يصل الى ثلاثة آلاف وخمسمائة سعر حراري أي بزيادة قدرها خمسمائة سعر حراري في حين يبلغ نصيب الفرد في الدول النامية منها الفين وخمسمائة سعر حراري ومنشأ ذلك ان الأمي لا يفرق بين أطعمة مفيدة وأخرى غير مفيدة. كما ان الأمي لا يدرك خطورة المرض ان هو أصابه او اصاب احدا من أبنائه ولعله لا يلجأ الى الوحدة الصحية إلا بعد استشراء المرض ويستحيل علاجه وكيف لهذا الامي ان يقرأ (روشيته)الطبيب وقد ينفذ ما فيها تنفيذا خاطئا وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة بتجارب بعض الدول المتقدمة كالصين والتي أنشأت كثيرا من الوحدات الصحية في الأماكن النائية مما مكن من القضاء على كثير من الأمراض.
وفي الجانب الاقتصادي يرتبط دخل الفرد في المجمع ارتباطا وثيقا بمعدلات الأمية فاذا انخفضت الأمية زاد معدل دخل الفرد واذا زادت انخفض دخل الفرد لان انتاجية الفرد المتعلم تفوق انتاجية الفرد الأمي وفي الدول المتقدمة تكفي انتاجية الفرد المتعلم لاطعام تسعة اشخاص يوميا بينما تكاد تكفي انتاجية الفرد في الدول النامية لاطعام ثلاثة أشخاص, والأمي لا يستطيع التعامل مع آلة او تقنية حديثة ففي المصنع لا يمكن قراءة التعليمات ولوحات المفاتيح والارشادات وفي الناحية الزراعية مازال الأمي يعتمد على وسائله البدائية في الزراعة فليست لديه دراية بالري الحديث واختيار البذور واستخدام المبيدات الزراعية فالأمي طاقة انتاجية شبه معطلة او مشلولة لا يمكن الاعتماد عليها عند رسم الخطط التنموية بل هو يلقي على الدولة أعباء اضافية ترهق ميزانيتها وتحد من حسن استثمارها للموارد المتاحة لهذا فإن ما قاله الفرد مارشال هو عين الحقيقة وهو ان أفضل انواع الاستثمار هو ذلك الاستثمار الذي يتم في الإنسان, فالإنسان المتعلم يمكن من خلاله تحقيق كافة أشكال التنمية المرغوبة.

وللأمية انعكاسات اجتماعية وخيمة تتطلب مالا وجهدا ووقتا فمن الملاحظ ان كثيرا من أنماط السلوك والعادات التي يمارسها الأميون مثل المبالغة في مناسبات الزواج والولائم وعدم الالتزام الوظيفي وعدم الاكتراث بتعليم الأبناء كلها أنماطا سلوكية تقلل من انطلاق التنمية وتعيقها.

والأمية فوق ذلك مظهر من مظاهر التخلف التقني والسياسي والحضاري لذا فإن تقدم الامم ورقيها يقاس بعدد المتعلمين فيها وكثرة نتاجها الأدبي والفكري واستقرار نظامها السياسي والاقتصادي وكثرة مخترعاتها ومدى تأثيرها على تقدم الدول الأخرى ومدى مشاركتها في النمو الحضاري والعالمي وهذه المقاييس لا يمكن ان تنطبق على مجتمع تسوده الأمية والجهل والتخلف وما ظاهرة التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في أمريكا واليابان إلا نتائج لازدهار الجانب التعليمي في هذه الدول وعلى النقيض من ذلك يمكننا ان نستنتج أن التخلف التقني والاقتصادي في الدول النامية عائد للجهل وتدني المستوى التعليمي وقلة التدريب وسيطرة الأمية في معظم هذه الدول.
 (محو الأمية مسؤولية الجميع) هذا الشعار يعد دعوة صريحة للمؤسسات المجتمعية ورجالات الفكر والسياسة والاقتصاد وأساتذة الجامعات للالتفاف حول قيادتنا الرشيدة لتفعيل مجهوداتها في هذا الإطار فالفرصة مواتية ما دام التعليم حقا متاحا للجميع ان نقضي على هذه الآفة لننطلق الى آفاق أوسع وأرحب ممثلة في التخلص من أمية وظيفية حضارية نحن في أمس الحاجة اليها في كافة المجالات وليس من المنطقي ان ينحصر التفكير حتى هذه اللحظة في محو أمية القراءة والكتابة في الوقت الذي تعد فيه الأمية لدى أي شعب متقدم هي تلك الأمية التي لا يجيد فيها الفرد التعامل مع تقنية الحاسب الآلي واجادته للغة أخرى غير لغته الأصلية وكلي ثقة ان أبناء هذا الوطن الطيب انما تظهر معادنهم الحقيقية وقت الشدائد وأنهم مسارعون الى المشاركة في حل مشكلاته صغيرها وكبيرها حرصا على نهضته ورقيه وتقدمه.