الإرهاب
وأثره على الاقتصاد
مقدمة :
إستأثرت ظاهرة (الإرهاب) العالمي خلال العقد
الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بإهتمام متزايد من البلدان المتقدمة
والنامية على حدٍ سواء، وذلك نتيجتاً للأثار السلبية التي ترتبها في حياة المجتمعات
البشرية، إذ ارتبط شيوع هذه الظاهرة بتطور الأحداث الجارية في الساحة السياسية وتعمقها،
حتى أضحى مفهوم (الإرهاب) صفة لصيقة لكل حدث سواء كان مخططا أم غير ذلك والإطار العام
الرئيس الحاكم لحركة الدول وسياستها المختلفة.
وهنا فقد اختلفت التفسيرات والدوافع التي
أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب بين من يؤكد ان حالات التنافس والصراع الدولي ساعدت في
تغذية ونمو ظاهرة الإرهاب، وبين من يدعي ان الإرهاب ظاهرة طبيعية يمكن ان تظهر في أي
مجتمع مرتبطة بعوامل مختلفة منها البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الدينية
و الايديولوجية ، إن أي معالجة لقضية ذات صلة ببعض المفاهيم تحتاج ان تحدد تلك المفاهيم
من خلال تعريف يوضح مكوناتها وخصائصها.
تعريف الإرهاب :
قبل تحديد معنى ومفهوم الإرهاب ينبغي الإشارة
مسبقا إلى أن لفظة الإرهاب Terror
تعود في أصلها إلى اللغة اللاتينية حسبما تشير إلى ذلك معاجم اللغة،
وهي كلمة تمتد إلى لغات ولهجات المجموعات الرومانية ثم انتقلت اللفظة فيما بعد إلى
اللغات الأوربية الأخرى.
وهاتان المشتقتان الإرهاب Terror، والأعمال الإرهابية Terror
action أصبحتا شائعتي الاستعمال في أدبيات السياسة الدولية.
اذ تعد مشكلة تحديد التعاريف وتصنيفها واحدة
من اصعب واعقد المشاكل التي تواجه العديد من الباحثين والمهتمين بالسياسة الدولية،
لما تنطوي عليه من الخلط والتداخل الذي يعتري بعض المفاهيم المرتبطة بها.
وبالتالي يجري فهمها وتفسيرها من وجهات
نظر عديدة ومختلفة قد تقود إلى عدم تكوين صورة واضحة حول الظاهرة موضوع الدراسة.
وعلى اساس ما تقدم يمكن تناول بعض التعاريف
فيما يخص ظاهرة الإرهاب:
أولا : مفهوم الإرهاب: يعرف الإرهاب لغة
بأنه (الترويع وإفقاد الأمن بمعناه الأوسع بهدف تحقيق منافع معينة).
فيما يعرف الإرهاب دوليا بأنه (اعتداء يصل
إلى حد العمل الإجرامي ولكن المستهدف بهذا الإرهاب وطبيعته السياسية هو الذي يفرق في
الطبيعة القانونية لهذا العمل بين الجريمة السياسية والجريمة الإرهابية).
من جهة أخرى يعرف علم الاجتماع السياسي
الإرهاب بأنه (كل تصرف أو سلوك بشري ينزع إلى استخدام قدر من القوة القسرية بما في
ذلك الاكراه والاذى الجسدي والاستخدام غير المشروع للسلاح ولتقنيات التعذيب التقليدية
والحديثة المخالفة لحقوق الانسان الاساسية التي اقرتها الشرائع السماوية والمواثيق
الدولية في التعامل مع ادارة العلاقات الانسانية بما في ذلك الاختلافات في المجالات
الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بهدف تحقيق غايات في تلك المجالات تتراوح
بين الاخضاع والضغط والتعديل والتهميش (الإقصاء) وقد يطال اخرين غير مستهدفين، هذا
السلوك البشري القسري غير السلمي يحدث بين الأفراد أو الجماعات أو السلطات بعضها تجاه
بعض داخل مجتمع معين أو بين مجتمعات معينة وعناصر معينة.. ويتولد اساسا من تقاطع أو
تداخل أو تظافر عناصر من بيئات مختلفة).
فالإرهاب قد يكون أحيانا (فعل) وفي أحيان
كثيرة (رد فعل)، وفي كلتا الحالتين يستهدف من ورائه جماعة معينة أو أشخاص معينين بهدف
إيقاع الرعب والفزع في نفوسهم هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يكون الطرف الذي وقع عليه
فعل الإرهاب ليس هدفا بحد ذاته وانما هو وسيلة لإيقاع التأثير في طرف اخر بحيث تتولد
لديه الرغبة أو الإجبار في الخضوع لارادة الطرف القائم بفعل الإرهاب فالطرف الأول المستهدف
بالإرهاب غالبا ما يكون هو الطرف الاضعف لهذا يتم استهدافه، في حين أن الطرف الثاني
(الذي يقع عليه فعل الإرهاب) يتوافر على عوامل قوة اكبر بحيث يتم تجنب الصدام المباشر
معه.
مما تقدم، نستنتج أن الإرهاب ظاهرة خطيرة
في حياة المجتمعات الانسانية وهو أسلوب متدن للوصول إلى الأهداف فالإرهاب ليست له هوية
ولا ينتمي إلى بلد وليست له عقيدة إذ انه يوجد عندما توجد أسبابه ومبرراته ودواعيه
في كل زمان ومكان وبكل لغة ودين.
وهنا يطرح التساؤل الاتي، ما هي دواعي الإرهاب؟
وما هي الأسباب التي جعلته ظاهرة عالمية تزداد توسعا وانتشارا؟ وما هي السبل والحلول
الكفيلة لمعالجة واستئصال هذه الظاهرة؟
تاريخ الإرهاب :
العمل الإرهابي عمل قديم يعود بنا بالتاريخ
مئات السنين ولم يستحدث قريباً في تاريخنا المعاصر. ففي القرن الأول وكما ورد في العهد
القديم، همت جماعة من المتعصبين على ترويع اليهود من الأغنياء الذين تعاونوا مع المحتل
الروماني للمناطق الواقعة على شرق البحر المتوسط. وفي القرن الحادي عشر، لم يجزع الحشاشون
من بث الرعب بين الأمنين عن طريق القتل، وعلى مدى قرنين، قاوم الحشاشون الجهود المبذولة
من الدولة لقمعهم وتحييد إرهابهم وبرعوا في تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب.
ولا ننسي حقبة الثورة الفرنسية الممتدة
بين الأعوام 1789 إلى 1799 والتي يصفها المؤرخون بـ"فترة الرعب"، فقد كان
الهرج والمرج ديدن تلك الفترة إلى درجة وصف إرهاب تلك الفترة "بالإرهاب الممول
من قبل الدولة". فلم يطل الهلع والرعب جموع الشعب الفرنسي فحسب، بل طال الرعب
الشريحة الأرستقراطية الأوروبية عموماً.
ويرى البعض ان من أحد الأسباب التي تجعل
شخص ما إرهابياً أو مجموعة ما إرهابية هو عدم استطاعة هذا الشخص أو هذه المجموعة من
إحداث تغيير بوسائل مشروعة، كانت إقتصادية أو عن طريق الإحتجاج أو الإعتراض أو المطالبة
والمناشدة بإحلال تغيير. ويرى البعض أن بتوفير الأذن الصاغية لما يطلبه الناس (سواء
أغلبية أو أقلية) من شأنه أن ينزع الفتيل من حدوث أو تفاقم الأعمال الإرهابية.
وقد ورد معنى الارهاب في القران الكريم
بمعنى الرهب ، والاسترهاب، حيث جاء في القرآن الكريم في سورة الانفال" وأعدّوا
لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوَّكم وءاخرين من دونهم
لاتعلمونهم الله يعلمهم ".
ان الخلط في مفهوم الارهاب يرجع إلى ترجمة
لغوية ليست غير دقيقة فحسب بل غير صحيحة مطلقا لكلمة Terror الانجليزية ذات الاصل اللاتيني
. المعبّر عنه اليوم بالارهاب هو ما استُخدِم للتعبير عنه في اللغة العربية كلمة
" الحرابة " اخذا مما ورد في القران الكريم في سورة المائدة " إنما
جزآؤُاْ الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو
تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدّنيا ولهم في الآخرة
عذاب عظيم (33) " وفي فترة لاحقة توسّع فقهاء الإسلام في توسيع دلالات هذا التعبير
، لينطبق على مخالفة أولي الأمر . و استغل الخلفاء الأمويون والعباسيون هذا المفهوم
، ومن بعدهم السلاطين والأمراء ليشمل من يخالفهم الرأي في الحكم ، اوما يعرف بالمعارضين
السياسيين على تعبير اليوم. لذا فمن الضروري البحث عن مصطلح أكثر دقة يعبر عن للترويع
وفق الفهم الإسلامي.
الأعمال الإرهابية
:
قبل القرن الحادي عشر، أبرز عمليتين ارهابيتين
هما عملية سرية قامت بها طائفة من اليهود ضد الرومان وتضمنت اغتيال المتعاونين معهم،
وعملية اغتيال علي بن أبي طالب على يد الخوارج.
من أعمال الارهاب حادث نشر غاز السارين
في نفق قطارات في اليابان، حادثة تفجير طائرة البان آم فوق سماء لوكربي الاسكتلندية،
ومن أعمال الارهاب أيضا تفجير المبنى الفيدرالي في ولاية اوكلاهوما الامريكية. تفجير
فندق الملك داوود بواسطة عصابات صهيونية مستهدفة المندوب السامي البريطاني في فلسطين،
وكذلك قامت مذابح ضد المدنيين دير ياسين وقانا بواسطة العصابات الصهيونية هاجاناه،
تفجيرات الرياض عام 1994 والخبر كانت بعض العمليات الإرهابية في السعودية واستهدفت
في الغالب الوجود الغربي. تفجيرات سفارات الولايات المتحدة في نيروبي و دار السلام
كان عمليات لاحقة في أفريقيا، ووجدت أدلة على تورط تنظيم القاعدة فيها. ولعل أكثر الحوادث
التي هزت العالم بأسره تلك الأحداث التي ألمّت بالولايات المتحدة من أعمال 11 سبتمبر
2001 والتي خلّفت نحو ثلاثة آلاف قتيل من جميع دول العالم ،وتكبّد العالم بأسره خسائر
تقدّر بمليارات الدولارات. تم استهداف مدنيي إسرائيل بكثير من العمليات الإرهابية مما
جعل إسرائيل أحد الدول الخبيرة في تكنلوجيا مكافحة الإرهاب، لذا تم الاستعانة بخبراتها
في الحرب الأخيرة على الارهاب. عمليات الإرهاب في جنوب شرق آسيا من قبل جماعات إرهابية
كأبو سياف، لها في الغالب علاقات مع جماعة القاعدة. عمليات الإرهاب في روسيا وتتهم
روسيا التنظيمات الشيشانية بالضلوع فيها بينما ينفي الشيشان. السعودية تعرضت لهجمات
ارهابية منذ 2003 من قبل خلايا إرهابية في السعودية يشاع أن لها علاقة بالقاعدة. تعرضت
اسبانيا ثم المملكة المتحدة لعمليات ارهابية استهدفت وسائل النقل العامة، حيث تعتبر
هدف سهل للإرهابيين، أيضا العمليات الإرهابية لا تزال مستمرة في العراق مستهدفة المدنيين.
أسباب ظاهرة الإرهاب :
ان أسباب وجود الظاهرة (الإرهاب) وازديادها
متعددة وموزعة على ميادين مختلفة سياسية - اقتصادية - اجتماعية ونفسية وغيرها، ودراسة
هذه الأسباب مجتمعة مهمة صعبة للغاية، إذ يجب أن تسبق هذه الدراسة دراسة أخرى لمعظم
المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي والمحلي على حد سواء.
الإرهاب هو أي عمل عدواني يستخدم العنف
والقوة ضد المدنيين ويهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو عن طريق إرهاب المدنيين بشتّى
الوسائل العنيفة. ويتخذ الإرهاب أماكن متعددة بين العدو إلا ساحة المعركة التي يشرّع
بها استخدام العنف. فنجد الإرهاب يستهدف الطائرات المدنية وما تتعرض له من اختطاف،
والمدينة المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات. ويُعرف كل من يضلع في بث
الخوف والرهبة في قلوب الأمنين بالإرهابي أو الإرهابية.
من هو الإرهابي
:
في الوقت الذي يُنعت فيه أسامة بن لادن
وتنظيم القاعدة بالإرهابي، نجد في العالم العربي والإسلامي عدد غير هين من المتعاطفين
معه ويرفضون وسمه بالإرهابي. ولعل السبب يكمن في التبريرات الشرعية التي يقتدي بها
بن لادن ومن يهتدي بفكره والتي تضفي صفة الشرعية لأعمال القتل والتفجير التي قامت بها
منظمة القاعدة في حق الكثير بهدف ضرب المصالح المدنية والعسكرية الغربية. كذا نجد أن
كثيرا من الأعمال التي تستهدف المدنيين تقوم بها دول كبرى في حين تعامل إعلاميا معاملة
العمليات العسكرية، وهو ما انطبق على كثير من الغارات الأمريكية على العراق واستهدافها
لمستشفى مدني في السودان وإغارتها أيضا على أهداف مدنية في أفغانستان. نجد أيضا كثير
من العمليات التي تقوم بها تنظيمات مسلحة ضد عسكريين بغرض إجلائهم تعامل إعلاميا كما
لو كانت عمليات إرهابية، كقيام حركة حماس بالتعاون مع منطمتين أخريتان بأسر جندي اسرائيلي
وتدمير موقع عسكري..
الإرهاب والاستخدام المنهجي للإرهاب، هو
عباره عن وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي. والإرهاب لا يوجد لديه أهداف متفق
عليها عالمياً ولا ملزمة قانوناً، وتعريف القانون الجنائي له بالإضافة إلى تعريفات
مشتركة للإرهاب تشير إلى تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون
موجهاً ضد أتباع دينية وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو
تجاهل سلامة غير المدنيين. بعض التعاريف تشمل الآن أعمال العنف غير المشروعة والحرب.
يتم عادة استخدام تكتيكات مماثلة من قبل المنظمات الإجرامية لفرض قوانينها.
و بسبب التعقيدات السياسية والدينية فقد
أصبح مفهوم هذه العبارة غامضاً أحياناً ومختلف عليه في أحيان أخرى. الجدير بالذكر أن
المسيحين قد عانوا منه بسبب استهداف الجماعات المتطرفة لهم وأيضاً الإسلام في الوقت
الراهن قد نال نصيب من هذه العبارة لأسباب سياسية تحكمها صراعات دولية وإقليمية.
أكد الكاتب و المحلل السياسي اللبناني قاسم
محمد عثمان أن تاريخ العمل الإرهابي يعود إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس
وتخويفهم بغية الحصول على المبتغى بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة، وقد
وضع الكاتب تفسير لمعنى كلمة الإرهاب ووصفه أنه العنف المتعمد الذي تقوم به جماعات
غير حكومية أو عملاء سريون بدافع سياسي ضد أهداف غير مقاتلة، ويهدف عادة للتأثير على
الجمهور.
أن الإرهاب يقود إلى التخلف والحياة الضنك،
ولابد من تحقيق الأمن و الطمأنينة للناس وللعاملين ولرجال الأعمال وللمال وللبنية الأساسية
حتى تتحقق الحياة الكريمة. يعتبر الإرهاب أحد وأخطر مشكلات القرن الحالي، ومن أهم الظواهر
التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية في الوقت الحاضر، لما يعكسه من آثار سلبية في
سبيل تقدم الأمم وازدهارها، والإرهاب ظاهرة عالمية، ويعتبر مصدرا خطيرا على اقتصاديات
الكثير من بلدان العالم، حيث إن تدمير الاقتصاد والدخل الوطني جراء الهجمات الإرهابية
سوف يضر باقتصاد الوطن كله. فالإرهاب عدو للتنمية ولا يجتمعان مطلقا، ومن هنا فإن خطر
الإرهاب المباشر، يتمثل في ضرب الاقتصاد الوطني الذي هو شريان الحياة للمجتمعات.
إن الإنسان سواء كان عاملاً أو صاحب عمل
وهو لا يأمن حياته وحريته وعقله ، يعمل في قلق وهذا يقود إلى ضعف الإنتاجية وقلة الإنتاج
. ورأس المال المهدد بواسطة الإرهاب الذي بطبيعته جبان وأشد خوفاً وقلقاً من العامل
نجده يهرب إلى أماكن ومواطن وبلاد حيث الأمان والطمأنينة وهذا ما نشاهده بعد كل عملية
إرهابية حيث نجد خللاً في أسواق النقد والمال والبورصات وارتفاع الأسعار وظهور السوق
السوداء وهروب الاستثمار إلى الخارج وهذه الآثار جميعاً تقود إلى خلل في آلية المعاملات
الاقتصادية ومن ثم إلى إعاقة التنمية.
والتخريب في البنية الأساسية والتي تعتبر
من مقومات التنمية بسبب العمليات الإرهابية يعتبر تدميراً للاقتصاد وتتطلب أموالاً
باهظة لإعادة بنائها وتعميرها وهذا كله على حساب الاستثمارات التنموية . كما أن التصدي
للإرهاب ومحاربته يحتاج إلى نفقات وتكاليف باهظة كان من الممكن أن توجه إلى مشروعات
تنموية فيما لو كانت الحياة آمنة مستقرة.
كما أن انتشار الخوف والرعب والحذر واليقظة
بين الناس بسبب توقع حدوث عمليات إرهابية يقلل من الإنتاج ويضعف الإنتاجية.
وعلى سبيل المثال: ضرب المطارات والموانئ
أو ضرب السياحة ومنشآت النفط، ومن ثم تدمير المجتمع كله، وإيقاف عملية التنمية، كما
يبرز أثر الإرهاب كذلك على القوى البشرية للدولة، إذ إن الوطن يخسر عددا من أبنائه
الذين هم سواعد البناء، وهذه خسارة فادحة في المرتكز التنموي الفاعل كما تتأثر الأسواق
المالية بشكل كبير بالأوضاع السياسية والأمنية، ومن ثم فقد منيت مؤشرات معظم أسواق
الأسهم الرئيسة في العالم بخسائر خلال عام 2002م؛ وذلك راجع لزيادة قلق المستثمرين.
وترتب أيضا على ذلك خسارة الخدمات السياحية
في المنشآت الصناعية والحرفية والمكاتب ذات العلاقة بقطاع السياحة و الطيران، وكذلك
أيضا النقل الداخلي أيضا الخدمات المصرفية وخدمات الاتصالات والخدمات الأخرى المتعلقة
بالمنتج السياحي بشكل عام تأثرت تأثرا مباشرا وحصلت لها أضرار بالغة. ضرر اقتصادي في
القطاع السياحي وقد جاء في دراسة عن الآثار الاقتصادية للإرهاب الدولي أن هناك آثارا
واضحة على البطالة والتضخم والاستثمار والأسواق المالية وإفلاس الشركات وقطاع التأمين
والقطاع السياحي وسعر الصرف وميزان المدفوعات. ولذا أرى الاهتمام بتعزيز المواطنة،
وحب الوطن في عقول الناس وخاصة الجيل الجديد فالمواطنة ثقافة وسلوك يجب ترسيخها من
أجل الوطن والانتماء إليه لأن الذي يحب وطنه يعزه ويجله.
فالمواطنة تعني الصدق والإخلاص في العمل
من أجل أبناء وبنات هذا الوطن كما تعني المحافظة على مكتسبات وثروات الوطن ومرافقه
العامة، فنحن في سفينة واحدة، بجانب الاهتمام بالأمن الفكري وإعطائه الأولية والتقليل
من الآثار السيئة للغزو الثقافي عبر الفضائيات أو الشبكة العالمية، وصد ذلك بوسائل
إعلامية مماثلة وهناك تلوث فكري نتيجة الاختلاط مع جماعات أو أفراد داخل أو خارج الحدود
هنا لابد من الوقاية ومعالجة آثار التلوث لأن الإسلام النقي والعقيدة الخالصة هي التي
بنيت عليها المملكة، حيث إن الاستقرار السياسي والاجتماعي يعد أحد أهم المقومات البديهية
للتنمية الاقتصادية، وهذا يعني أن اختلاله دليل على اختلال مسيرة التنمية، وتشير كثير
من الدراسات التطبيقية إلى أن أهم أسباب التخلف في الكثير من الدول النامية تعود إلى
الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي تسود فيها، وإذا تناولنا التنمية الاقتصادية
كأحد مؤشرات التقدم فهذا يرجع إلى أن موضوع التنمية الاقتصادية يعد موضوعا شاملا يضم
تحته مجموعة من العناصر الاقتصادية، كقطاع الاستثمار والصرف الأجنبي والسياحة والبطالة
والتضخم وميزان المدفوعات، وغيرها من المتغيرات الكلية المهمة.
اثر الإرهاب علي
الإقتصاد :
إن الارهاب سيي من أسباب التراجع
الاقتصادي وفشل التنمية نظرا لما يسبه من مشاكل امنيه واقتصاديه وسياسية تؤدى الى
تدهور الاوضاع الاجتماعية وقلة الاستثمار فالإرهاب لايتعدى مجرد أنه خطر أمنى وحسب
بل مخاطرة الأكبر تتمثل في المشاكل التي يسببها للاقتصاد والأوضاع المالية
والتجاريه للبلاد والمجتمعات
فقد أدى أدى تصاعد العمليات والأنشطة الإرهابية
التي يشهدها الشرق الأوسط مؤخرا وإعادة فرض الرقابة على الحدود في أوروبا إلى اضطراب
ما يسمى بـ"سلاسل التوريد"، وهي نشاط تدفق البضائع بين الدول، فضلا عن رفع
تكاليف الأعمال التجارية، وتراجع النشاط السياحي، وفقا لمنظمة التجارة العالمية.
بالإضافة إلى أن السياحة في مصر تتعرض لضربات موجعة بين الحين والآخر،
وهو أمر طبيعي أن يصحب العمليات الإرهابية تأثير على حركة السياحة سواء أكان هذا التأثير
مباشرا أم غير مباشر لأن أي حادث إرهابي يعد خنجرًا في قلب الوطن بشكل عام والسياحة
بشكل خاص، وكانت الحكومة تتوقع اكتمال التعافي بنهاية 2014 واستهداف ما بين 13 و14
مليون سائح، لأن أي حادث إرهابي مهما كان حجمه سيلقي بظلال سيئة على مصر والسياح، وعلى
موارد مصر من العملات الصعبة حيث تعتبر إيرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين
في الخارج مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة في البلاد وكانت عائدات قطاع السياحة قد تراجعت
إلى 5.9 مليار دولار في عام2013 مقابل عشرة مليارات في 2012، ولا أعتقد أن التوقيتات
للعمليات الإرهابية عشوائية فهي تأتي مع الترويج للموسم السياحي الشتوي، وقبيل المؤتمر
الاقتصادي المقرر عقده في فبراير المقبل، الذي يستهدف اجتذاب استثمارات بنحو 60 مليار
دولار لدعم الاقتصاد المصري، ومع الاستقرار النسبي للوضع الأمني، كما أنها تتواكب مع
بداية الدراسة بالجامعات التي صاحبتها عمليات عنف متعمد،
ولذلك لا يمكن التهوين من الآثار السلبية
على السياحة من هذه العمليات الإرهابية، على الرغم من تصريحات المسئولين وعلى رأسهم
وزير السياحة، الذي أعلن أن حادث العريش ليس له تأثير على حركة تدفق السياح – وهذا
ما نتمناه – إلا أن القياس على أحداث” رابعة والنهضة ” خلال شهر سبتمبر 2013 نجد أنها
أثرت بشكل كبير على نشاط حركة السياحة لمصر، ثم حادثا طابا وسانت كاترين أيضا كانا
لهما تأثير كبير على معدلات توافد السياحة إلى مصر، وذلك من واقع الإحصاءات الرسمية،
وهذا يشير إلى تعرض السياحة إلى أوقات صعبة، خاصة إذا تسارعت الدول المصدرة للسياحة
بتحذير رعاياها من الوضع الأمني في مصر ،وليس صحيحا أن امتلاك مصر لكثير من الإمكانات
السياحية يكفي لتأهيلها لعودة النشاط السياحي بسرعة لسابق عهده مرة أخرى وعودة السياحة
إلى معدلات عام 2010، إلا في ظل الاستقرار الأمني في إطار البرامج التسويقية السياحية
المركزة عبر الأسواق السياحية العالمية والإقليمية، التي تستهدف أسواقا جديدة لجذب
السياحة إلى مصر من خلال فتح أسواق سياحية جديدة ومنها الهند والصين ووسط آسيا وأسواق
أخرى، إلى جانب اتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة تنشيط السياحة المصرية لشكلها الطبيعي
مرة أخرى،
ومن أهمها تحقيق الأمن والأمان وعدم قطع
التيار الكهربائي الذي أصبح وسيلة “تطفيش” السياح، ومن الضروري مواجهة العملياتالإرهابية،ووضع
خطة أمنية لفرض طوق أمني حول المناطق السياحية لمنع تسرب العناصر الإجرامية والخارجة
عن القانون، والتحرز من أي اعتداءات على المناطق السياحية إلى جانب تأمين الطرق المؤدية
لجميع الأماكن السياحية، خاصة أن السياحة المصرية مستهدفة ولابد من العمل على تحقيق
الأمن والأمان لجذب السياح مرة أخرى، لأن السياح يتخوفون من المجيء لمصر بسبب الأحداث
الأمنية حتى وإن لم تكن خطيرة،
لأننا نحتاج إلى أن نمحو الخوف من ذاكرة
السائح التي تشنجت خوفا من تكرار عمليات العنف والإرهاب التي لن تعترف بحدود أو جنسيات
ولم تشفع لديها النوازع الإنسانية والدينية والأخلاقية التي تحول دون الاعتداء على
المدنيين المسالمين،
الذين ليس لهم توجهات سياسية أو طائفية،
وأن نطبع في ذاكرتهم صورة ذهنية جديدة ومشرقة لإصلاح ذاكرتهم لتتقبل ما يدعو إلى الثقة
والاطمئنان، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعي تنشر الكثير من الفيديوهات التي تظهر
الاضطرابات والمشاكل الأمنية في مصر بشكل يذعر السياح، وأن شركات السياحة لم تستطع
مواجهة ذلك بتسويق مصر سياحيا على عكس الدول الأخرى التي نجحت في تسويق نفسها، رغم
فقر مقوماتها السياحية والأثرية، لذلك علينا أن ندرك أن تكرار العمليات الإرهابية له
تأثيرات سلبية على تدفق حركة السياحة الوافدة، إلى جانب تراجع حجم الاستثمارات المحلية
والأجنبية في القطاع السياحي
مما يؤثر على صناعة السياحة في المستقبل
القريب، ومن ثم يتطلب الأمر وضع خطة استراتيجية شاملة للتنمية السياحية لمواجهة كل
الاحتمالات والسلبيات التي تواجه صناعة السياحة، حتى تجد طريقها للتعافي وتجذب المزيد
من الاستثمارات العربية والأجنبية، بدلا من هروبها إلى خارج المنطقة.
إنَّ الإرهاب عدو
للتنمية ولا يجتمعان مطلقًا :
ومن هنا فإنَّ خطر الإرهاب المباشر يتمثل
في ضرب الاقتصاد الوطني الذي هو شريان الحياة للمجتمعات، وعلى سبيل المثال: ضرب المطارات
والموانئ أو ضرب السياحة ومنشآت النفط، ومن ثم تدمير المجتمع كله وإيقاف عجلة التنمية.
كما يبرز أثر الإرهاب كذلك على القوى البشرية للدولة، إذ إن الوطن يخسر عددًا من أبنائه
الذين هم سواعد البناء، وهذه خسارة فادحة في المرتكز التنموي الفاعل.
أنَّ هناك آثار واضحة على البطالة والتضخم
والاستثمار والأسواق المالية وإفلاس الشركات وقطاع التأمين والقطاع السياحي وسعر الصرف
وميزان المدفوعات.
أ- صرف مبالغ كبيرة على حرب الإرهاب، كانت
ستنفق على مشروعات التنمية البشرية والبنية الأساسية كإنشاء الطرق والمستشفيات والمدارس
لخدمة المواطنين كافة.
ب- إحجام الشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات
عن إقامة مشروعا تفي المجتمع؛ خوفًا من الإرهاب والإرهابيين.
يمكن القول إنَّ حوادث العنف والإرهاب تؤثر
على اقتصاديات أيّ بلد، كما تستدعي صرف نفقات كبيرة جدًا لتوفير وسائل آمنة لحماية
المؤسسات الحيوية في المجتمع.
أما الإرهاب الجديد فهو الإرهاب الفكري
الذي يلجأ إليه البعض لإقصاء رأي الآخرين الذين لا يوافقونهم الرأي، خاصة عندما يكون
الحديث حول موضوع ديني لا يزال الباب مفتوحاً فيه للاجتهاد بعيداً عن المساس بالعقيدة
والثوابت الدينية. ولقد اتبعت الولايات المتحدة سياسة إما معي أو ضدي ولم تترك لأحد
الحيادية. وهذا بلا شك نمط من أنماط الإرهاب الممنهج الذي تستغله لتحقيق مكاسب سياسية
وبالتالي تنجز المكاسب الاقتصادية.
إن استغلال الإرهاب الفكري لتحقيق مكاسب
اقتصادية يعد إرهابا اقتصادياً لأنه يدفع الأموال للخروج من أوطانها إلى الدول التي
تستغل الإرهاب الفكري لتخويف المستثمرين لتهاجر أموالهم من أوطانهم إلى دول أخرى، مثل
الولايات المتحدة على سبيل المثل لا الحصر. كثيرًا ما يحدث الخلط بين مفهوم التنمية
والتغيير والتحديث؛ فالفارق بينها أن التغيير لا يؤدي بالضرورة إلى التقدم والارتقاء
والازدهار؛ فقد يتغير الشيء إلى السالب، بينما هدف التنمية هو التغير نحو الأفضل بوتيرة
متصاعدة، متقدمة ومستمرة.. فالتنمية – كما وضحنا آنفًا.
تعني الزيادة في القدرة الإنتاجية بشكل
يرفع مستوى المعيشة ماديًّا وثقافيًّا وروحيًّا، مصحوبًا بقدرة ذاتية متزايدة على حل
مشاكل التنمية، أما التحديث فهو جلب رموز الحضارة الحديثة وأدوات الحياة العصرية، مثل:
التجهيزات التكنولوجية، والمعدات الآلية، والسلع الاستهلاكية.. في الحقيقة لم تصمد
نظريات التحديث أمام الانتقادات الموجهة إليها لسبب بسيط جدًّا، وهو أنها تجاهلت الخصائص
النوعية للعالم الثالث أو المتخلف، ووقوع هذه النظريات التحديثية أسيرة النموذج الغربي؛
لأنها لم تهتم بحقيقة النُّمو الاجتماعي والإمكانيات الذاتية للعالم الثالث.